كشفت سلسلة من التصريحات والتقارير الإعلامية المتزامنة عن ملامح استراتيجية أمريكية معقدة ومتعددة الأوجه تجاه ملف المفاوضات مع حركة حماس، وتحديدا فيما يتعلق بقضية استعادة رفات المحتجزين لدى الاحتلال الذين قضوا في الأسر.
فبينما تطلق واشنطن وعودا حاسمة لعائلات المحتجزين بزيادة الضغط على حماس، تشير مصادر من جانب الاحتلال إلى أنها في الوقت نفسه تمنع الاحتلال من فرض عقوبات مشددة، مفضلة استخدام أدوات ضغط محددة.
وتكمن أهمية هذه السياسة المزدوجة في أنها تكشف عن تباين تكتيكي بين الحليفين، وعن محاولة أمريكية دقيقة لتحقيق هدفها دون التسبب في انهيار الوضع الإنساني أو إغلاق باب المفاوضات بالكامل.
تأتي هذه التطورات في مرحلة حساسة تلي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، حيث لا تزال القضايا الشائكة عالقة، وعلى رأسها ملف الأسرى والمحتجزين.
وتعتبر قضية استعادة جثث ورفات الذين تأكد مقتلهم من بين المحتجزين ملفا ذا حساسية إنسانية وسياسية قصوى داخل الكيان، ويشكل ضغطا هائلا على حكومة الاحتلال.
وفي هذا السياق، تلعب واشنطن دور الوسيط والضامن الرئيسي، محاولة ترجمة نفوذها الدبلوماسي إلى نتائج ملموسة على الأرض، ومتنقلة بحذر بين دعمها الراسخ للاحتلال، ورغبتها في تجنب تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، والحفاظ على خيوط التفاوض مع حماس عبر الوسطاء.
يمكن تفصيل المشهد السياسي الحالي من خلال تجميع التصريحات والتقارير الأخيرة:
الوجه المعلن للسياسة الأمريكية: وعود بالضغط:
بحسب ما نقلته القناة 12 التابعة للاحتلال، التقى وزير خارجية الولايات المتحدة ماركو روبيو بعائلات المحتجزين الذين قتلوا، وأبلغهم أن واشنطن تبحث بجدية عن سبل لزيادة الضغط على حماس لتسليم رفات أبنائهم. وفي تصريح حاسم، قال روبيو: "لن ننسى أبدا المحتجزين الذين قضوا في أسر حماس ولن نوقف جهودنا حتى استعادة رفاتهم جميعا".
يمثل هذا التصريح الموقف الأمريكي الرسمي والمعلن، والذي يهدف إلى طمأنة حليفها الاحتلال والرأي العام بأن الولايات المتحدة لن تتهاون في هذا الملف الإنساني.
ما وراء الكواليس: كبح جماح الاحتلال
على النقيض من هذه الوعود، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" نقلا عن مصادر مطلعة من جانب الاحتلال، أن واشنطن هي التي "تمنع الاحتلال من تشديد العقوبات على حماس وتمنح المفاوضات مزيدا من الوقت".
وتشير تقارير إلى وجود خلاف في وجهات النظر حول أفضل السبل للضغط. فبينما قد يميل الاحتلال إلى فرض حزمة عقوبات اقتصادية واسعة وشاملة على القطاع، تفضل الإدارة الأمريكية نهجا أكثر حذرا وانتقائية.
أدوات الضغط المنتقاة:
أوضحت التقارير الأدوات التي وافقت واشنطن على استخدامها وتلك التي رفضتها:

0 تعليق