من هو هدار غولدن؟ "العقدة" المتبقية من 2014
يحمل إعلان كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن نجاحها في استخراج جثة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن من نفق في مدينة رفح، رمزية سياسية وعسكرية عميقة، ويأتي في توقيت تفاوضي شديد الحساسية.
فبعد 11 عاما من الفشل الاستخباراتي والعسكري الإسرائيلي في تحديد مصيره، لا يمثل انتشال رفات غولدن مجرد العثور على جثة، بل يمثل امتلاك "الورقة الأخطر" في ملف الأسرى، والتي يبدو أنها ستستخدم كورقة ضغط مباشرة لحل ملف مقاتلي القسام العالقين في رفح.
من هو هدار غولدن؟.. "العقدة" المتبقية من 2014
يعد هدار غولدن، الذي أسر في الأول من أغسطس/آب 2014 خلال معركة "العصف المأكول"، أحد أطول الأسرى الإسرائيليين بقاء في قبضة المقاومة، وهو المتبقي الوحيد من حرب 2014 إلى جانب شاؤول آرون الذي تم استعادة جثته في يناير الماضي.
ويمثل غولدن "عقدة" عسكرية وسياسية وأخلاقية للاحتلال لعدة أسباب:
الفشل الاستخباراتي:
فشل جيش الاحتلال واستخباراته، على مدار أكثر من عقد، في استعادته أو حتى تحديد مصيره بشكل قاطع، رغم مئات العمليات والاستهدافات في غزة.
بروتوكول هانيبال:
لأول مرة في تاريخ جيش الاحتلال، تم تطبيق "بروتوكول هانيبال" عند أسره، وهو إجراء يبيح للجيش استخدام قوة نارية مفرطة وعشوائية لمنع وقوع الجندي في الأسر، حتى لو أدى ذلك إلى مقتله.
البعد السياسي: تبين لاحقا أن غولدن يرتبط بصلة قرابة بوزير الدفاع الأسبق، موشيه يعالون، مما أبقى قضيته حاضرة بقوة في المشهد السياسي الداخلي الإسرائيلي.
ربط الجثة بملف مقاتلي رفح العالقين
الأهمية الحقيقية لانتشال جثة غولدن الآن، تكمن في ربطها بملف تفاوضي عالق وشديد الحساسية.
فوفقا لتقارير إعلامية أميركية منها أكسيوس، تدور المفاوضات في الأيام الأخيرة حول ممر آمن لإجلاء نحو 200 مقاتل من كتائب القسام لا يزالون عالقين ومحاصرين في أنفاق منطقة رفح.
وقد كشفت التقارير عن انقسام حاد في إسرائيل حول هذا الملف:
موقف الجيش: رئيس الأركان إيال زامير، أبدى موافقة مبدئية على هذا التصور إجلاء المقاتلين مقابل تسليم جثامين حساسة مثل غولدن.
موقف نتنياهو: رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الصفقة بشكل قاطع، مصرا على أن على المقاتلين "الاستسلام أو البقاء تحت الأرض للموت".
لاحقا، تراجع زامير عن موافقته تحت ضغط نتنياهو.
يأتي إعلان القسام عن انتشال جثة غولدن الآن ليغير موازين الضغط، ويضع نتنياهو وزامير أمام خيار صعب: إما القبول بالممر الآمن للمقاتلين العالقين، أو التخلي عن فرصة استعادة رفات الجندي الذي يمثل "جرحا مفتوحا" في المجتمع الإسرائيلي منذ 11 عاما.
رسالة مزدوجة: الالتزام والضغط
ترى أوساط فلسطينية أن خطوة القسام، التي تضمنت بث مشاهد حصرية لعمليات الحفر وانتشال الجثة بمرافقة فريق من الصليب الأحمر، تحمل رسالة مزدوجة:
الالتزام بالاتفاق: تثبت حماس أنها جادة في تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في 10 أكتوبر، وأنها تبذل جهدا حقيقيا للبحث عن رفات المحتجزين.
ويأتي هذا بعد تسليم جثة الضابط الأعلى رتبة في تاريخ الأسر، العقيد آساف حمامي.
الاحتفاظ بورقة الضغط: في الوقت نفسه، لم تعلن القسام عن نيتها تسليم الجثة فورا، بل أعلنت عن العثور عليها فقط.
هذا يعني أنها أبقت "ورقة الضغط التفاوضية الأخطر" بيدها، لاستخدامها في حسم الملفات العالقة، وعلى رأسها ملف مقاتلي رفح.
سياق الاتفاق.. من هم المتبقون؟
منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار، أفرجت المقاومة عن 20 أسيرا حيا، وسلمت جثث 23 من أصل 28.
ومع استعادة جثة غولدن اليوم، تكون المقاومة قد حددت مصير آخر الأسرى المحتجزين منذ عام 2014.
ويبقى الآن 5 جثامين بما في ذلك غولدن الذي تم انتشاله بانتظار التسليم لإغلاق هذا الملف بالكامل، وهو ما يمنح المقاومة هامشا تفاوضيا حاسما في الأيام المقبلة.

0 تعليق