عاجل

هل يعزز انتهاء اتفاق "آغوا" الأميركي نفوذ تركيا والصين بأفريقيا؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قد يفقد ملايين الأفارقة وظائفهم مع انتهاء قانون النمو والفرص (آغوا) الأميركي بشأن القارة السمراء، الذي يمنح الدول الأفريقية وصولا معفيا من الرسوم إلى الأسواق الأميركية، كما أن آلاف المؤسسات في القارة معرضة للإغلاق، إلا أن هذا قد يتيح لتركيا والصين والهند توسيع نفوذها الاقتصادي في القارة السمراء على حساب واشنطن، حسبما نقلت وكالة الأناضول التركية عن خبراء.

ودخل القانون حيز التنفيذ عام 2000 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، وحظي بدعم لاحق من الرئيسين جورج بوش الابن وباراك أوباما، قبل أن يُمدَّد عام 2015 لمدة 10 سنوات إضافية.

ورغم استمرار المفاوضات لتمديد البرنامج الذي يسمح لدول أفريقيا جنوب الصحراء بالتصدير إلى السوق الأميركية من دون رسوم جمركية، فإن الغموض ما زال يكتنف مستقبله، ما يثير مخاوف واسعة لدى الحكومات والشركات الأفريقية.

ويؤكد خبراء أن توقف البرنامج سيؤدي إلى خسائر كبيرة في قطاعات النسيج والملابس والسيارات، إذ يوفر بشكل مباشر أو غير مباشر فرص عمل لنحو 1.3 مليون شخص في القارة.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أبريل/نيسان الماضي عن رسوم جمركية واسعة النطاق ضد معظم الشركاء التجاريين، قبل أن يعلّق تنفيذ معظمها حتى التاسع من يوليو/تموز، عقب اضطرابات شهدتها أسواق الأسهم والسندات.

ويمنح قانون "آغوا" الدول الأفريقية إمكانية تصدير أكثر من 6 آلاف سلعة إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية.

ووفقا لبيانات مكتب الممثل التجاري الأميركي، تجاوزت صادرات أفريقيا جنوب الصحراء إلى الولايات المتحدة عبر هذا القانون 20 مليار دولار في عام 2022، معظمها من منتجات النسيج والملابس والصناعات التحويلية والسيارات.

ويحذر الخبراء من أن دولا مثل ليسوتو وإسواتيني وكينيا قد تتكبد خسائر فادحة، إذ تعتمد أكثر من 90% من صادرات ليسوتو النسيجية على السوق الأميركية، وهذا يعكس حجم المخاطر المحتملة على الوظائف والإنتاج المحلي.

Turkish-flagged cargo ship Polarnet, carrying Ukrainian grain, approaches its final destination, marking the completion of the first shipment since the exports were re-launched from Ukraine, at Safiport Derince in gulf of Izmit in Kocaeli province, Turkey August 8, 2022. REUTERS/Umit Bektas
سفينة شحن تركية (رويترز)

شريك بديل

وقالت مديرة العلاقات الدبلوماسية في جمعية "رجال الأعمال الأتراك – الأفارقة"، أوليفيا رابيراسوا، إن انتهاء "آغوا" قد يتسبب في فقدان ملايين الوظائف عبر القارة.

إعلان

وأوضحت في حديث للأناضول أن البرنامج "كان يشجع الإنتاج المحلي ويوفر آلاف فرص العمل، خاصة في قطاعي النسيج والزراعة".

وأضافت: "في بلدان مثل مدغشقر المتخصصة في تصدير الملابس والمنتجات الزراعية، فإن ارتفاع الرسوم الجمركية إلى أكثر من 20% سيشكل عبئا ثقيلا على الشركات الصغيرة، خصوصا تلك التي تعتمد على الصادرات إلى الولايات المتحدة".

وبيّنت أن النساء والشباب سيكونون الأكثر تضررا من هذه التطورات، لأنهم يشكلون النسبة الأكبر من العاملين في تلك القطاعات، مشيرة إلى أن انتهاء الاتفاق (القانون) قد يرفع معدلات البطالة ويهدد مصادر رزق آلاف الأسر.

وأشارت رابيراسوا إلى أن تركيا أصبحت لاعبا اقتصاديا ودبلوماسيا مهما في أفريقيا، إذ تجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين حوالي 40 مليار دولار، مع توسع ملحوظ في عدد السفارات والممثليات التركية في القارة.

وأكدت أن "تركيا، بفضل خبرتها الصناعية ووجودها الدبلوماسي الواسع، باتت شريكا قويا وبديلا موثوقا لأفريقيا في حال فقدان القارة امتيازات السوق الأميركية".

" frameborder="0">

سد الفراغ

من جانبه، قال مؤسس ورئيس جمعية "رجال الأعمال الأتراك – الأفارقة"، محمد فاتح أقبولوت، إن انتهاء البرنامج سيفتح الباب أمام شراكات جديدة بين تركيا والدول الأفريقية.

وأضاف أقبولوت في حديثه للأناضول: "بعد انتهاء آغوا، ستسعى الدول الأفريقية إلى شركاء يتمتعون بالموثوقية والسرعة في التعامل، وتركيا قادرة على لعب هذا الدور بجدارة".

وأوضح أن السياسات التركية تجاه القارة، مثل "سياسة الانفتاح على أفريقيا" و"سياسة الشراكة الأفريقية" ساهمت في بناء علاقات وثيقة مع دول القارة خلال العقدين الأخيرين.

ولفت إلى أن الشركات التركية في مجالات النسيج، والأثاث، والصناعات الغذائية رفعت من استثماراتها في أفريقيا.

وأضاف أقبولوت "يمكن للشركات التركية أن تعوض جزءا كبيرا من الوظائف المفقودة بعد انتهاء الاتفاق، فتركيا تمتلك خبرة واسعة في قطاعات البناء والصحة والآلات النسيجية والصناعات الغذائية، وهذا يجعلها شريكا صناعيا موثوقا لأفريقيا".

وتضاعف حجم التجارة بين تركيا وقارة أفريقيا 7 مرات منذ عام 2003، وبلغ 37 مليار دولار عام 2024، ونفذت شركات المقاولات التركية مشروعات بقيمة 100 مليار دولار حتى نهاية 2024، وفق وزير التجارة التركي عمر بولاط.

نفوذ مهدد

بدوره، قال المدرس بجامعة شنغهاي بالصين، والمتخصص في الشؤون الأفريقية، حسن أيدين، إن انتهاء الاتفاق ستكون له تداعيات اقتصادية وجيوسياسية كبيرة.

وأوضح أن نحو 30 دولة أفريقية كانت تصدر أكثر من 6 آلاف منتج إلى الولايات المتحدة من دون رسوم، وأن انتهاء العمل بالقانون سيجعلها تواجه رسوما تتراوح بين 10 و30%، ما يهدد صادراتها وفرص العمل.

وأضاف أيدين أن تجربة إثيوبيا خير مثال على ذلك، إذ أدى خروجها من "آغوا" إلى فقدان آلاف الوظائف وانسحاب مستثمرين أجانب وخسائر تجاوزت 45 مليون دولار خلال 3 سنوات.

وفي يناير/كانون الثاني عام 2022 استبعدت واشنطن إثيوبيا من "آغوا" مبررة ذلك بـ "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا" في إقليم تغراي شمالي إثيوبيا.

إعلان

وأشار أيدين إلى أن القطاعات الأكثر تضررا ستكون النسيج، والملابس الجاهزة، وصناعات السيارات، والزراعة، والمعادن في دول مثل جنوب أفريقيا وكينيا وليسوتو.

ولفت إلى أن انتهاء الاتفاق سيضعف نفوذ الولايات المتحدة في أفريقيا ويقوّض صورتها كشيرك موثوق، في حين ستبرز قوى مثل الصين والهند والاتحاد الأوروبي وتركيا كبدائل مؤثرة في السوق الأفريقية.

وختم حديثة قائلا "بالنسبة لتركيا، فهذا يعني فرصا جديدة، خصوصا في قطاعات النسيج والصناعات التحويلية، إلى جانب تعزيز حضورها الدبلوماسي والاقتصادي في القارة".

FILE - Shipping containers carrying goods bound for markets across the world wait for shipment at a port in Cape Town, South Africa, Thursday, March 28, 2013. (AP Photo/Schalk van Zuydam, File)
حاويات بضائع متجهة إلى أسواق حول العالم تنتظر الشحن في ميناء كيب تاون بجنوب أفريقيا (أسوشيتد برس)

تعزيز النفوذ الصيني

ويحذر خبراء من أن توقف "آغوا" سيؤدي إلى فقدان واشنطن نفوذها الاقتصادي لصالح بكين، فضلا عن تراجع موقع أفريقيا في سلاسل الإمداد العالمية، رغم أهميتها الإستراتيجية في معادن حيوية مثل الكوبالت والليثيوم والبلاتين.

وينقسم أعضاء الكونغرس الأميركي بين مؤيدين لتمديد البرنامج ومعارضين يرون أنه لم يعد يخدم المصالح الأميركية.

وكانت واشنطن استبعدت سابقا دولا مثل أوغندا والنيجر من القانون بسبب "انتهاكات لحقوق الإنسان".

ويؤكد قادة أفارقة أن إنهاء العمل بالقانون لن يضر القارة فقط، بل سيضر كذلك بالاقتصاد الأميركي نفسه، مشددين على أن ذلك قد يدفع الدول الأفريقية إلى البحث عن شركاء تجاريين بديلين، وفي مقدمتهم الصين، وتركيا، والهند.

وخلال السنوات الأخيرة، أصبحت الصين أحد أكبر الشركاء التجاريين لأفريقيا بفضل الاستثمارات الضخمة في البنى التحتية، وحزم القروض، والاتفاقيات التجارية غير المشروطة.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين أفريقيا والصين عام 2024 نحو 296 مليار دولار منها 179 مليار دولار صادرات صينية إلى القارة، في حين بلغ حجم التجارة بينهما منذ مطلع العام الجاري وحتى أغسطس/آب الماضي 222 مليار دولار بزيادة 15% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفق بيانات للإدارة العامة للجمارك الصينية (حكومية).

0 تعليق