الذهب في مفترق طرق: هل التصحيح العنيف فخ صاعد أم بداية انهيار الفقاعة؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تترقب الأسواق العالمية هذا الأسبوع بيانات اقتصادية بالغة الأهمية

 في حلبة الأسواق المالية، هناك لحظات يتوقف فيها كل شيء، وتصمت كل الأصول في انتظار كلمة واحدة من شخص واحد.

هذا الأسبوع، يترقب المستثمرون كلمة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، لتحديد مسار المعدن النفيس. فقد شهد الذهب اضطرابا دراماتيكيا، حيث تصدر المشهد بتحركات جامحة، وبات كل ارتداد صعودي ينظر إليه بحذر شديد على أنه فرصة للبيع محتملة.

تتزايد في الآونة الأخيرة الأصوات التي تتحدث عن قرب انهيار الذهب واقتراب "فقاعة" المعدن النفيس من نهايتها، وسط تحذيرات من موجة هبوط حادة. وفي المقابل، يرى فريق آخر أن الذهب ما زال يحتفظ بزخمه الصعودي، وأن ما يحدث ما هو إلا "فخ محكم" يسبق انطلاقة جديدة نحو قمم تاريخية قد تتجاوز مستوى 5000 دولار للأونصة.


هذا التحليل يستعرض الصورة الاقتصادية والجيوسياسية والفنية الشاملة لتحديد الاتجاه القادم للمعدن الأصفر.

ما الذي حدث هذا الأسبوع؟

يواجه سوق الذهب ضغوط بيع قوية منذ الانخفاض الحاد الذي شهده يوم الثلاثاء. فبعد أن سجلت العقود الآجلة ذروة قياسية تاريخية جديدة يوم الاثنين عند مستوى 4,397.65 دولارا للأوقية، تراجعت الأسعار بنحو 6.80% في يوم واحد، في أكبر خسارة يومية يشهدها المعدن منذ عام 2013.

واستمر الضغط خلال الأسبوع، حيث اختبرت عقود الذهب الآجلة أدنى مستوى أسبوعي لها عند 4,021.91 دولارا يوم الأربعاء، مسجلة انخفاضا بنسبة 8.63% عن القمة.

ويعزى هذا التراجع الحاد إلى عمليات جني أرباح واسعة النطاق، بالتزامن مع تحول في تدفقات الأموال من الذهب إلى أصول تعتبر أكثر مخاطرة، مثل العملات الرقمية.

أولا: التحليل الاقتصادي (الأنظار على الفيدرالي)

تترقب الأسواق العالمية هذا الأسبوع بيانات اقتصادية بالغة الأهمية، رغم استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يؤثر على وتيرة صدور التقارير الرسمية.

الحدث الأبرز سيكون قرار الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي وكلمة رئيسه جيروم باول.

تشير التوقعات السائدة في السوق إلى احتمالية قيام الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. 

ويعد هذا التوجه التيسيري، إن حدث، عاملا داعما بقوة للذهب، إذ أن خفض الفائدة يقلل من جاذبية الدولار الأمريكي وعوائد السندات، وبالتالي يقلل من "تكلفة الفرصة البديلة" للاحتفاظ بالمعدن الأصفر الذي لا يدر عائدا.

ثانيا: التحليل الجيوسياسي (التوترات كوقود للذهب) 

على الصعيد الجيوسياسي، ما زالت الأجواء مشحونة بالتوتر. فعلى الرغم من هدوء جبهة الشرق الأوسط بعد "قمة شرم الشيخ للسلام"، إلا أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين عادت لتشتعل مجددا.

وقد ساهمت تصريحات الإدارة الأمريكية حول إمكانية فرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على المعادن النادرة القادمة من الصين، في تعزيز حالة عدم اليقين ودفع المستثمرين مجددا نحو الملاذات الآمنة.

يضاف إلى ذلك، فإن استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، وما يرافقه من ضبابية اقتصادية، يؤثر على ثقة المستثمرين في النظام المالي التقليدي وهيمنة الدولار، وهو ما يصب في مصلحة الذهب.

ثالثا: التحليل الفني (هل صمد الدعم؟)

رغم التراجع الحاد، لا تزال النظرة الفنية إيجابية على المدى الطويل. فبحسب التحليل الفني، يتداول الذهب حتى الآن ضمن قناة رئيسية صاعدة، محافظا على موقعه فوق خط الاتجاه الصاعد وفوق المتوسطات المتحركة الرئيسية.

الأهم من ذلك، أن الأسعار ارتدت من منطقة الدعم المحورية بين 3950 و4000 دولار للأونصة.

وطالما حافظت الأسعار على تداولاتها فوق هذا المستوى، فإن الاتجاه العام يبقى صاعدا. وتشير التحليلات إلى أن اختراق مستوى المقاومة 4160 دولارا قد يفتح الباب أمام استهداف مستويات 4280 دولارا، ثم 4400 دولار، وصولا إلى 4700 دولار خلال الأسابيع القادمة.

ويعتبر كسر مستوى الدعم 3950 دولارا إشارة ضعف واضحة، لكنها لا تزال مستبعدة في ظل المعطيات الحالية.

على الرغم من التراجعات الحادة التي أثارت المخاوف، فإن الصورة الشاملة للذهب لا تزال تميل إلى الإيجابية. الظروف الاقتصادية (توقعات خفض الفائدة) والجيوسياسية (التوترات التجارية) تدعم بقاء الذهب في مساره الصاعد. ومع ذلك، يبقى الحذر واجبا، فالتقلبات العالية الحالية تشكل اختبارا حقيقيا للمستثمرين، وتتطلب إدارة حكيمة للمخاطر، وانتظارا لصدور قرار الفيدرالي هذا الأسبوع لتتضح الرؤية بشكل أكبر.

0 تعليق