لندن - "بي بي سي": أعاد إعلان الصين عن قيود واسعة على صادرات المعادن النادرة إشعال الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وأثار قلق الأسواق العالمية.
الوثيقة التي حملت عنوان "الإعلان رقم 62 لعام 2025" والصادرة عن وزارة التجارة الصينية، تضمنت شروطا صارمة على تصدير المعادن النادرة، بحيث أصبح لزاما على الشركات الأجنبية الحصول على موافقة حكومية مسبقة وتوضيح الغرض من الاستخدام، حتى في حال احتواء المنتج على كميات ضئيلة جدا من هذه المعادن.
ورد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلان عزمه فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على البضائع الصينية، إلى جانب قيود جديدة على تصدير البرمجيات الحساسة، معتبرا أن بكين "تسعى إلى خنق الصناعة العالمية".
ونقلت "بي بي سي" عن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت قوله، "هذه ليست الصين ضد أميركا فقط، بل الصين ضد العالم الحر. لقد وجهوا مدفعا نحو سلاسل التوريد الصناعية للعالم بأسره، ولن نقبل بذلك".
في المقابل، ردّت وزارة التجارة الصينية بأن الولايات المتحدة تثير "هلعا غير مبرر"، مؤكدة أن طلبات التصدير "سيُوافق عليها طالما كانت الاستخدامات مدنية وتتوافق مع الشروط".
وتُعد الصين صاحبة احتكار شبه كامل في معالجة المعادن النادرة، إذ تنتج أكثر من 70% من المعادن المستخدمة في محركات السيارات الكهربائية والمغناطيسات الصناعية، بحسب ناتاشا بهاسكار مستشارة "نيو لاند غلوبال".
كما أوضحت الباحثة مارينا زانغ، من جامعة التكنولوجيا في سيدني، أن "بكين بنت تفوقها عبر تطوير شبكة بحث وتطوير متقدمة وتخريج جيل من الخبراء في هذا القطاع الحيوي".
ورغم أن صادرات المعادن النادرة لا تمثل إلا 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني البالغ 18.7 تريليون دولار، فإن قيمتها الإستراتيجية هائلة لأنها تمنح بكين ورقة ضغط لا تملكها واشنطن، كما أكدت الخبيرة صوفيا كالانتزاكوس من جامعة نيويورك.
والمعادن النادرة عناصر لا غنى عنها في الصناعات العسكرية؛ فمقاتلة أميركية واحدة من طراز "إف-35" تحتاج إلى أكثر من 400 كيلوغرام من هذه المعادن لصنع طلائها الخفي ومحركاتها وأنظمتها الرادارية.
ويرى الأكاديمي ناويسي ماكدونا، من جامعة إديث كوان الأسترالية، أن القيود الصينية تستهدف نقاط الضعف الحرجة في سلاسل الإمداد الأميركية، مشيرا إلى أن توقيتها قلب موازين المفاوضات التي كانت واشنطن تخطط لها.
وتعمل الولايات المتحدة وأستراليا على تطوير بدائل لمصادر التوريد الصينية، إلا أن الخبراء يشيرون إلى أن الأمر "يتطلب ما لا يقل عن خمس سنوات للحاق بالصين"، نظرا لتكاليف المعالجة العالية وضعف البنية التحتية.
وجاءت هذه الإجراءات امتدادا لقيود سابقة فرضتها الصين في نيسان الماضي، تسببت في أزمة إمدادات عالمية قبل أن تخففها اتفاقات مع أوروبا وواشنطن.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن صادرات المعادن النادرة تراجعت في أيلول الماضي بنسبة تفوق 30% مقارنة بالعام الماضي، دون أن يتأثر الاقتصاد الصيني بشكل ملموس.
ورغم تصاعد لهجة المواجهة، أبقى المسؤولون في البلديْن باب المفاوضات مفتوحا. فقد قال بيسنت، "ما زلت أعتقد أن الصين منفتحة على الحوار، وأنا متفائل بإمكان خفض التصعيد".
من جانبه، أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، خلال لقائه الرئيس التنفيذي لمجموعة "بلاكستون" الأميركية، أن الجانبين يجب أن يديرا خلافاتهما بفعالية ويعززا العلاقات على أساس مستقر ومستدام.
ويرى مراقبون نقلت عنهم "بي بي سي" أن بكين تستخدم المعادن النادرة كورقة تفاوض مثالية قبل قمة ترامب وشي المرتقبة، إذ أدركت الصين أن ألم ترامب الحقيقي لا يكمن في الرسوم الجمركية، بل في المعادن التي لا يستطيع اقتصاد بلاده الاستغناء عنها.
المعادن النادرة نقطة ألم ترامب في حربه التجارية مع الصين - الأول نيوز

المعادن النادرة نقطة ألم ترامب في حربه التجارية مع الصين - الأول نيوز
0 تعليق