في تدخل علني نادر وحاد، اتهم الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا الرئيس وليام روتو بتدمير المكاسب التي تحققت خلال عقد من حكمه، تاركًا الكينيين العاديين محاصرين في المعاناة.
وقد جاءت هذه التصريحات، التي ألقاها أمام مسؤولي حزب "اليوبيل" الحاكم سابقًا في نيروبي، كأوضح إشارة حتى الآن على أن الزعيم السابق يعاود الدخول في المعركة السياسية قبيل انتخابات 2027 الحاسمة.
وقال أوهورو "لقد تآكلت العديد من المكاسب السابقة واستُبدل بها مخططات جديدة غير مجربة وغير مختبرة. لقد تُرك الكينيون ليعانوا. تقدمنا يتراجع".
أوهورو، الذي تنحى في عام 2022 بعد أن خدم الحد الأقصى الدستوري لفترتين، قال إنه حذر الناخبين من دعم نائبه الذي خدم معه 9 سنوات.

وبدلا من ذلك، دعم زعيم المعارضة المخضرم رايلا أودينغا. وأضاف "في الانتخابات العامة الأخيرة، حاولت إيصال هذه الرسالة. للأسف، لم يُصغِ أحد".
الصحة والاقتصاد والوعود المنكوثة
في قلب انتقادات الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا تبرز الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، إذ تواجه كينيا عبئًا متزايدًا من الديون، مما دفع حكومة الرئيس ويليام روتو إلى فرض زيادات ضريبية أثارت استياء شعبيًا واسعًا.
العام الماضي، اندلعت احتجاجات قادها شباب غاضبون من ارتفاع تكاليف المعيشة، وأسفرت عن مقتل العشرات في مواجهات مع قوات الأمن.
أوهورو انتقد تفكيك برنامج "ليندا ماما" الذي أطلقه عام 2013 لتوفير رعاية مجانية للأمهات والمواليد، واستبداله ببرنامج آخر يقوم على المساهمات، تحت إشراف هيئة الصحة الاجتماعية الجديدة.
ويرى منتقدو النظام الجديد أنه يستثني الأسر الفقيرة ويعاني من ضعف التمويل، في حين قال أوهورو "الوعد كان برعاية مجانية، والآن يُطلب من الناس الدفع قبل تلقي العلاج".
إعلان
ويعتبر محللون أن تدخل أوهورو لا يهدف فقط إلى إبراز إخفاقات حكومة روتو، بل يسعى أيضًا إلى الربط المباشر بين سياساته عندما كان رئيسا وسياسات روتو الحالية.
أوهورو يهاجم روتو: المصافحة السياسية تنقلب والخصومة تتصاعد
اتهم الرئيس الكيني السابق خلفه روتو بالنفاق السياسي، على خلفية تقاربه الأخير مع زعيم المعارضة رايلا أودينغا، رغم معارضته الشديدة لتحالفهما السابق.

في عام 2018، فاجأ أوهورو البلاد بإعلانه "مصافحة" سياسية مع أودينغا، خصمه التاريخي، في خطوة هدفت إلى تهدئة التوترات العرقية بعد انتخابات دامية.
ورغم الجدل، ساهم الاتفاق في استقرار فترة أوهورو الثانية. لكن روتو، الذي كان حينها نائبًا للرئيس، اعتبر المصافحة خيانة لتحالفه مع أوهورو، واتهمه بتهميشه لصالح أودينغا، مما عمّق الانقسام بينهما ومهّد لانفصالهما قبيل انتخابات 2022.
الآن، وبعد بداية صعبة لحكمه تخللتها احتجاجات شعبية وضغوط اقتصادية، عاد روتو ليحتضن أودينغا، داعيًا إياه إلى حكومة موسعة ومنح حلفاءه مناصب وزارية رفيعة.
بالنسبة لأوهورو، هذا التحول يكشف تناقض روتو. وقال "عندما سعيت إلى التماسك الوطني، اتُهمت بتقويض الديمقراطية. فماذا يسمون ما يفعلونه اليوم؟".
هجوم من الداخل: جبل كينيا في قلب المعركة
في ديسمبر/ كانون الأول 2024، وبعد مصافحته مع أودينغا، أجرى روتو تعديلًا وزاريًا ضم فيه 5 شخصيات بارزة من منطقة جبل كينيا، بينهم مقربون سابقون من أوهورو مثل موتاهي كاغوي (الزراعة)، لي كينياجوي (التجارة)، وويليام كابوغو (الإعلام والاقتصاد الرقمي).
ويرى محللون أن الخطوة هدفت إلى تفكيك قاعدة أوهورو وربط حلفائه السابقين بمعسكر روتو.

وتبرز منطقة جبل كينيا كمفتاح لبقاء روتو السياسي، إذ تضم أكثر من 6 ملايين ناخب وكانت تاريخيًا صانعة الرؤساء.
لكن المشهد تغير بعد إقالة ريغاثي غاتشاغوا نائب الرئيس، الذي أعاد تقديم نفسه كخصم شرس لروتو، وجاب المنطقة لاستعادة شعبيته.
المحلل ويكليف أوديرا قال لأفريكا ريبورت "عودة أوهورو إلى الساحة السياسية رسالة واضحة بأن روتو لن يكون مرشحه المفضل في 2027".
وقد أعلن حزب "اليوبيل" بقيادة أوهورو دعمه لوزير الداخلية السابق فريد ماتيانغي كمرشح رئاسي، وبدأ بهدوء تعبئة الأصوات في جبل كينيا.
وأضاف أوديرا "المعركة المقبلة ستكون بين أوهورو وغاتشاغوا على أصوات المنطقة، وهي التي سترجّح كفة الرئاسة".
ردود غاضبة.. أوهورو في مرمى الاتهامات
في المقابل، شن حلفاء روتو هجومًا مضادًا على أوهورو، متهمين إياه بإثارة الاضطرابات لاستعادة نفوذه.
ووصف كيثوري كينديكي نائب الرئيس تصريحات أوهورو بأنها "غير صادقة وتحركها دوافع سياسية"، في حين دعا فنسنت كاوايا، سكرتير الحزب الحاكم، أوهورو إلى "الاعتزال بشرف والتوقف عن إلقاء المحاضرات".

أما وزير الخدمة العامة جيفري روكو، فاتهم الرئيس السابق بالتحريض والعمل كوكيل للمعارضة، قائلاً إنه "يؤجج الكينيين ضد حكومة منتخبة شرعيًا".
المحلل إدوين كيغولي اعتبر التصعيد متوقعًا، وقال "القفازات سقطت بين روتو وأوهورو، والمواجهة السياسية بدأت مبكرًا".
إعلان
وأضاف أن انتخابات 2027 ستعيد مشهد 2022 ولكن برهانات أعلى، متوقعًا خسارة غاتشاغوا في النهاية، مع إصرار أوهورو على إعادة تقديم حزب "اليوبيل" في معقله بجبل كينيا.
وقد امتد التوتر إلى الشارع، إذ اتهم روتو أوهورو بتحريض الشباب بعد دعوته متظاهري جيل زد إلى "الاستمرار في القتال من أجل حقوقهم"، عقب احتجاجات يونيو/ حزيران 2024 الدامية.
0 تعليق