الصبيحي.. من سائق إلى ثائر بين أقبية نظام الأسد - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في شهادة مؤثرة تروي قصة صمود ومعاناة، كشف المواطن السوري المحرر عصام الصبيحي من مدينة درعا، عن فصول مروعة من التعذيب والاعتقال في سجون النظام السابق، وذلك خلال الحلقة الثامنة من برنامج "ما بعد الأسد" الذي يُعرض على قناة "رؤيا".

قصة الصبيحي هي رحلة قاسية لمواطن سوري، حوّلته القبضة الأمنية الغاشمة من عامل في صيانة الكهرباء وسائق ينقل الركاب بين سوريا والأردن، إلى ناشط في الثورة فحامل للسلاح، وصولاً إلى معتقل تعرض لأبشع أنواع التعذيب قبل أن ينال حريته مع سقوط النظام في ديسمبر 2024.


الرصاصة التي أشعلت الثورة

يروي الصبيحي أنه كان يعيش حياة مستقرة مادياً قبل اندلاع الثورة السورية. لكن نقطة التحول جاءت في أحد الأيام عندما شهد بأم عينه قوات النظام السابق تطلق النار عشوائياً من على أسطح المباني على المتظاهرين السلميين في حيه. يقول عصام إن هذا المشهد "ولد شعوراً داخلياً بوجوب التحاقه بالثورة".

بدأ الصبيحي نشاطه الثوري بتأمين ونقل الأدوات الطبية من خارج سوريا لإسعاف الجرحى والمصابين، قبل أن ينتقل إلى العمل المسلح ملتحقاً بـ "لواء الكسوة" و"لواء الحق"، رداً على القصف العنيف الذي كان يطال المدنيين بالدبابات وقذائف الهاون.

فخ التسوية وأهوال التحقيق

بعد اشتداد الحصار والقصف، وجد بعض الثوار أنفسهم أمام خيارات صعبة، فمنهم من هُجّر قسرياً إلى إدلب، ومنهم من سلّم نفسه ضمن ما يسمى بـ "التسويات". يروي عصام أنه ورفاقه رفضوا النزوح، فوقعوا في فخ تسوية وهمية نصبها لهم النظام للإيقاع بهم، ليتم اعتقاله للمرة الأولى نهاية عام 2017.

وتقول زوجته إن الأمن العسكري استدعاه "لبضع أسئلة على أن يعود بعد ساعات"، لكن تلك الساعات امتدت إلى شهور من العذاب. في أقبية التحقيق، اتُهم بإخفاء أسلحة الثوار، وعندما نفى علمه بها، بدأت رحلة تعذيب ممنهجة. يصف الصبيحي كيف أُجبر على الوقوف 48 ساعة متواصلة في سجن منفرد، وكيف تم ربطه بالسقف وضربه بوحشية على يد محققين "متمرسين في شتى أنواع التعذيب". استمر التعذيب 9 أيام متواصلة، وصل بعدها إلى مرحلة فقدان الوعي، حيث أنقذه زملاؤه في المهجع بالتنفس الاصطناعي.

لم تنتهِ معاناة الاعتقال الأول إلا بعد أن قامت زوجته، في خطوة يائسة، بدفع مبالغ طائلة لشراء أسلحة من رفاق زوجها وتسليمها للنظام لإثبات التهمة عليه وإطلاق سراحه.

الاعتقال الثاني وكفاح الزوجة المحامية

في عام 2021، اعتقل الصبيحي للمرة الثانية بعد مداهمة محله. وهناك تعرض لجولة تعذيب جديدة استمرت 25 يوماً قبل تحويله للقضاء الذي أعاده مرة أخرى لدوامة الأمن العسكري.

في هذه الأثناء، كانت زوجته قد حولت محنتها إلى قوة. تروي أنها كانت تدرس الحقوق في الجامعة، وأن اعتقال زوجها منحها دافعاً لإكمال تعليمها لتصبح محاميته الأولى. واجهت الزوجة قضاة فاسدين كانوا يطلبون رشاوى وصلت إلى 10 آلاف دولار، وأحياناً 100 ألف دولار، مقابل الإفراج عنه. وفي محاولة مستميتة، قامت برهن منزل العائلة لتأمين 10 آلاف دولار، لكن الأوان كان قد فات، حيث تم تحويل زوجها إلى سجن "عدرا" سيئ السمعة.

بقيت الزوجة تتابع أخباره بقلق حتى قرأت خبر تحرير السجناء من سجن عدرا على يد الثوار مع انهيار النظام. يقول عصام إنه ورغم كل ما مر به، "لو عاد به الزمن لفعل ما فعله مجدداً"، في شهادة تختزل إصراراً لا يلين على المبادئ التي خرج من أجلها.

0 تعليق