عاجل

رحلة في قلب بغداد.. المتنبي وسوق السراي والصفافير - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بغداد- في جولة عبر الزمن، نكتشف كنوز الأسواق البغدادية، فمن شارع المتنبي حيث يتلاقى الأدباء والمثقفون، إلى سوق السراي حيث يتجول الزوار بين الحرف اليدوية التقليدية.

إضافة إلى سوق الصفافير حيث تتزين الأرفف بالمنتجات المحلية، لتشكل جميعها لوحة فنية تعكس التنوع الثقافي والتجاري الذي تتميز به بغداد.

الجزيرة نت تجولت في تلك الأسواق لتسليط الضوء على كواليس وقصص هذه الأسواق وتاريخها، ومن يتردد عليها والتحديات التي واجهتها.

سوق الصفافير

أمير محمد الصفار، أحد تجار سوق الصفافير العريق، أكد أن سوقهم يعد قبلة للسياح الأجانب الذين يزورون العراق، مشددًا على أهمية إعادة تطويره للحفاظ على مكانته التاريخية.

سوق الصفافير ذاكرة العراق الحية وتشكيلة واسعة من الأدوات والأواني النحاسية
سوق الصفافير ذاكرة العراق الحية وتشكيلة واسعة من الأدوات والأواني النحاسية (الجزيرة)

وفي حديثه للجزيرة نت، استعرض الصفار تاريخ السوق العريق الذي يعود تأسيسه إلى عهد المدرسة المستنصرية، أي قبل نحو 1055 عاما.

لافتا إلى أن هذا السوق كان يشهد إقبالا كبيرًا من الزوار، بما فيهم رؤساء دول، لما يحمله من قيمة تاريخية وحضارية.

وأوضح أن سوق الصفافير يمثل ذاكرة العراق الحية، حيث يعرض تشكيلة واسعة من الأدوات والأواني النحاسية التي كانت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للعائلة العراقية.

ومع ذلك، أشار إلى أن السوق يواجه تحديات كبيرة، حيث تراجعت أعداد الحرفيين بسبب التطور التكنولوجي وتغير أنماط المعيشة.

العائلات المثقفة

ولفت الصفار إلى أن رواد السوق غالبًا ما يكونون من العائلات المثقفة التي تبحث عن كل ما هو تراثي وعريق، مشيرا إلى أن هذه الفئة تتذكر جيدًا قيمة كل قطعة من قطع النحاس المعروضة، وما تحمله من ذكريات جميلة.

" frameborder="0">

ورغم التحديات التي يواجهها السوق، أعرب الصفار عن أمله في أن يتم إيلاء اهتمام أكبر لسوق الصفافير، على غرار ما يتم فعله مع المواقع التاريخية الأخرى مثل المدرسة المستنصرية وشارع المتنبي.

إعلان

ودعا الجهات المعنية إلى وضع خطط لإنعاش السوق وتطويره، ليكون وجهة سياحية جاذبة، ولتوفير فرص عمل للحرفيين، وللحفاظ على تراث العراق العريق:

المتنبي مقصد الأدباء

ستار محسن علي، صاحب دار سطور في شارع المتنبي، يرسم لنا لوحة حية عن هذا الشارع العريق، حيث يؤكد أن المتنبي ليس مجرد شارع، بل هو ظاهرة ثقافية فريدة لا تجد لها مثيلا في العالم.

فهو معرض للكتاب مفتوح على الدوام، يتحول يوم الجمعة إلى ساحة حافلة بالفعاليات الثقافية المتنوعة، من ورش عمل وأمسيات شعرية، إلى حلقات نقاشية تضم شعراء الفصحى والشعبي.

ساحة الشاعر معروف عبد الغني الرصافي وسط بغداد (الجزيرة)

ويأخذنا علي في رحلة عبر التاريخ، فيروي لنا خلال حديثه للجزيرة نت أن شارع المتنبي لم يكن دائما بهذا الاسم، فقد حمل أسماء عديدة عبر العصور، منها "شارع الأكمك خانة" أو "شارع المخابز"، وهو اسم تركي يعود إلى ما يقرب من 600 عام، ثم تغيرت تسمياته حتى استقر على اسم المتنبي في عام 1930.

ويتابع لطالما كان المتنبي مقصدا للأدباء والمفكرين، فقد حجت إليه شخصيات علمية وأدبية بارزة على مر التاريخ، أمثال عباس العزاوي والوردي ومصطفى جواد ومحمد مهدي المخزومي وغيرهم الكثير، وهكذا، أصبح هذا الشارع معقل الثقافة العراقية، وقلعةً تحمي تراثها وحضارتها.

وبعد ترميمه، تحول المتنبي إلى قلب نابض بالحياة الثقافية، يفتح أبوابه من الثامنة صباحا وحتى الواحدة ليلا. إنه الشريان الذي يغذي المشهد الثقافي العراقي، ويؤكد عمق الجذور التاريخية للشعب العراقي.

أيقونة ثقافية

ويؤيد هذا الكلام الصحفي العراقي سيف علي، حيث أكد أن شارع المتنبي، القلب النابض للعاصمة بغداد، يمثل أيقونة ثقافية بارزة.

وفي حديثه للجزيرة نت، استعرض علي تاريخ هذا الشارع العريق، مشيرا إلى أنه سمي نسبة إلى الشاعر العربي الفذ أبي الطيب المتنبي.

شارع المتنبي هو الشريان الذي يغذي المشهد الثقافي العراقي
هدايا تذكارية في محلات شارع المتنبي وهي تعبر عن رموز أثرية وتاريخية لحضارات تعاقبت على العراق (الجزيرة)

تناول علي التحولات التي شهدها الشارع عبر الزمن، ففي القرن الـ19، كان شاهدا على ولادة أول مطبعة في العراق، كما احتضن العديد من المعالم التاريخية التي تغيرت ملامحها مع مرور السنين، مثل مبنى القشلة الذي تحول من مدرسة الموفقية إلى سجل العقارات، والبيت الثقافي الذي كان سابقا المدرسة الرشدية العسكرية العثمانية.

المتنبي قبلة للسياح

وأشار إلى أن شارع المتنبي بات اليوم مقصدا للسياح من مختلف الجنسيات، الذين يأتون للاستمتاع بجماليات هذا الشارع العريق والتجول بين أزقته الضيقة، لاسيما يوم الجمعة الذي يشهد إقبالا كبيرا من الزوار.

شارع المتنبي إلى قلب نابض بالحياة الثقافية
شارع المتنبي قلب نابض بالحياة الثقافية من خلال بيع الكتب (الجزيرة)

ولفت علي إلى أن هذا الشارع يتميز بتنوع كبير في محلات بيع الكتب والمطابع، مما يجعله قبلة لمحبي القراءة والمعرفة.

وأضاف أن الشارع شهد في الآونة الأخيرة تطورات ملحوظة، إلا أنه لا يزال بحاجة إلى المزيد من الاهتمام والتنظيم، مشيرا إلى أن أهميته تستدعي المزيد من الرعاية والحفاظ على تراثه العريق.

السراي الملاذ الآمن

ثم انتقلت كاميرا الجزيرة نت لتحط برحالها في سوق السراي حيث التقت علي المندلاوي، أحد أقدم تجار السوق وعمل فيه منذ عام 1985، يشهد على تاريخ عريق لهذا المعلم التراثي، حيث يقول إن هذا السوق العريق كان ولا يزال ملاذا آمنا، لم تتأثر علاقاته الطيبة بأي من التقلبات السياسية أو الأحداث الطائفية التي شهدتها البلاد.

سوق السراي واحة للتعايش السلمي والتسامح بين مختلف الطوائف والمكونات العراقية
سوق السراي واحة للتعايش السلمي والتسامح بين مختلف الطوائف والمكونات العراقية (الجزيرة)

ويعود أصل تسمية "سوق السراي" إلى موقعه القريب من سرايا ديوان الحكومة العثمانية، والتي كانت تُعرف بقصر الجمهورية فيما بعد.

إعلان

ولطالما كان هذا السوق ملتقى لكل شرائح المجتمع البغدادي، من المثقف إلى الأمي، ومن الصغير إلى الكبير، فكل بيت بغدادي يرتاده للحصول على أدواته المدرسية أو القرطاسية.

إقبال كبير من الزوار

وبيّن المندلاوي أن سوق السراي شهد في الآونة الأخيرة إقبالا كبيرا من السياح العرب والأجانب، خاصة بعد استقرار الأوضاع الأمنية واستضافة العراق لبطولة الخليج العربي، وتحول السوق إلى وجهة سياحية رئيسة، حيث يزوره السياح من مختلف أنحاء العالم ليشهدوا على تاريخ بغداد العريق.

" frameborder="0">

وبين أن الحكومة العراقية أدركت أهمية هذا السوق والمناطق الأثرية المجاورة مثل شارع الرشيد والمتنبي وجسر الشهداء، واعتبرتها رئة بغداد السياسية والتراثية، وبدأت بتنفيذ خطط طموحة لإعادة تأهيل هذه المناطق، آملة في تحويلها إلى واجهة حضارية للعاصمة.

ورغم الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد، بما فيها الحرب الطائفية التي أعقبت عام 2003، إلا أن سوق السراي ظل ملاذا آمنا، لم تشهد أزقته أي أعمال طائفية، فكان واحة للتعايش السلمي والتسامح بين مختلف الطوائف والمكونات العراقية.

0 تعليق