عاجل

بحثا عن الأمان والقيم المحافظة.. التعليم المنزلي يشهد طفرة في أميركا - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

شهدت الولايات المتحدة الأميركية تحولات لافتة في أنماط التعليم بعد جائحة كوفيد-19، وكان التعليم المنزلي "هوم سكولينغ" (Homeschooling) من أبرز هذه التحولات. فبينما كان خيارا محدود الانتشار قبل الجائحة، قفزت أعداد الأسر التي لجأت إليه بشكل غير مسبوق خلال فترة الإغلاقات وما تلاها.

قفزة غير مسبوقة في 2020

مع بدايات الجائحة، أظهر مسح "هاوس هولد بالس" التابع لمكتب الإحصاء الأميركي أن نسبة الأسر التي أعلنت اعتمادها على التعليم المنزلي (وليس التعليم عن بُعد داخل المدارس) تضاعفت من 5.4% في ربيع 2020 إلى 11.1% في خريف 2020. وقد شدّد المكتب على ضرورة التمييز بين التعليم المنزلي القانوني وبين التعليم عن بُعد المرتبط بالمدارس أثناء الإغلاق، لتجنّب الخلط في تفسير الأرقام.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

وبحسب تقديرات المركز القومي للإحصاءات التربوية "إن سي إي إس" (NCES) التابع لوزارة التعليم الأميركية، فإن 5.4% من الأطفال في مرحلة التعليم الأساسي (الابتدائي) كانوا يتلقّون تعليمهم في المنزل خلال العام الدراسي 2020-2021، بحسب "المركز القومي للإحصاءات التربوية".

التعليم المنزلي أم التعليم عن بعد؟

يختلف التعليم المنزلي عن التعليم عن بُعد من حيث الأساس والمسؤولية. فالتعليم المنزلي يعني أن تتحمل الأسرة مسؤولية تدريس أبنائها بشكل كامل خارج النظام المدرسي، حيث يختار الأهل المناهج وطريقة التدريس بما يتماشى مع القوانين المحلية، ويكون الطالب مسجلا عادة ضمن فئة "التعليم المنزلي" وليس في مدرسة رسمية. هذا النموذج يمنح مرونة كبيرة في تصميم التجربة التعليمية، لكنه يضع العبء كاملا على الأسرة من حيث التخطيط، التدريس، والتقييم.

أما التعليم عن بُعد فهو امتداد للتعليم المدرسي التقليدي لكن عبر الإنترنت، إذ يبقى الطالب مسجلا في مدرسته ويتلقى المناهج الرسمية نفسها، مع متابعة المعلمين وتقديم الامتحانات عن طريق المنصات الرقمية. هنا تكون المسؤولية التعليمية على المدرسة، بينما يقتصر دور الأسرة على الإشراف والمتابعة. وبذلك يُنظر إلى التعليم المنزلي كخيار بديل مستقل، في حين أن التعليم عن بُعد مجرد صيغة مختلفة للتعليم النظامي.

“عزلة قسرية”.. ما الآثار النفسية التي يسببها استمرار التعليم عن بعد لدى الأطفال؟
بعض الأسر ذات الخلفيات المحافظة أو الدينية، ترى أن المناهج المتعلقة بالتربية الجنسية لا تتفق مع قيمها (غيتي إيميجز)

مستويات أعلى مما قبل الجائحة

ومع عودة المدارس للعمل حضوريا، انخفضت نسب التعليم المنزلي بعض الشيء، لكنها بقيت أعلى بكثير من مستويات ما قبل كوفيد. فقد أظهر تحليل لصحيفة واشنطن بوست لبيانات الولايات والمقاطعات أن عدد المتعلمين منزليا في عامي 2022-2023 كان أعلى بنحو 45% مقارنة بالفترة 2017-2018. وأكدت وكالة أسوشيتد برس في تقرير عام 2022 أن الأعداد تراجعت قليلا بعد الذروة لكنها ما زالت فوق المعدلات السابقة للجائحة.

فلوريدا كنموذج بارز

تشير بيانات وزارة التعليم في فلوريدا إلى أن عدد طلاب التعليم المنزلي ارتفع من 97 ألفا و261 طالبا في 2018-2019 إلى 154 ألفا و289 في 2022-2023، أي بزيادة تراكمية تقارب 58.6% خلال 5 سنوات. هذه الزيادة تعبّر عن تضاعف العدد، لكنها لا تعني أن أكثر من نصف طلاب فلوريدا باتوا يتعلمون منزليا، وفق بيانات إدارة البرامج التعليمية في ولاية فلوريدا الأميركية.

إعلان

وبحسب واشنطن بوست، فقد أصبحت بعض مناطق فلوريدا مثل مقاطعة هيلزبورو من أعلى التجمعات في البلاد من حيث نسبة التعليم المنزلي بعد الجائحة.

لماذا ارتفع التعليم المنزلي؟

الأسباب وراء هذا التوجه متعددة ومترابطة، ويمكن تلخيص أبرزها في:

تجربة الجائحة: كثير من الأسر جرّبت التعليم المنزلي في 2020 واستمرت عليه بعد إعادة فتح المدارس.

المرونة والتحكم في المحتوى: بعض الأسر فضلت نمطا تعليميا يسمح لها بضبط المناهج والسرعة بما يتناسب مع قيمها أو قدرات أطفالها.

توسّع خيارات التعليم: ولايات مثل فلوريدا قدّمت دعما أكبر لخيارات بديلة عبر برامج "اختيار المدرسة"، ما سهّل الانتقال للتعليم المنزلي.

القيم الأخلاقية والدينية: بعض الأسر، خصوصا ذات الخلفيات المحافظة أو الدينية، ترى أن المناهج المتعلقة بالتربية الجنسية أو القضايا الاجتماعية (مثل الميول الجنسية) لا تتفق مع قيمها، فتختار التعليم المنزلي للتحكم في المحتوى الذي يتلقاه الأبناء.

كما ورد في استطلاعات المركز القومي للإحصاءات التربوية (NCES)، أن "الرغبة في توفير تعليم أخلاقي أو ديني محدد" ضمن الأسباب الرئيسية لاختيار التعليم المنزلي.

حوادث إطلاق النار في المدارس: تكرار حوادث العنف المسلح في المدارس الأميركية، وخاصة إطلاق النار داخل الحرم المدرسي، خلق حالة من القلق والخوف بين أولياء الأمور.

بعض الدراسات الإعلامية والبحثية، مثل تغطيات واشنطن بوست ونيويورك تايمز، أشارت إلى أن الأمن الشخصي والسلامة باتا من دوافع الأسر لاختيار التعليم المنزلي، لتفادي المخاطر المحتملة في المدارس العامة.

خيار التعليم المنزلي لم يعد مجرد بديل هامشي، بل أصبح واقعا حاضرا في المشهد التعليمي الأميركي. فبعض العائلات وجدت فيه ملاذا آمنا يحمي أبناءها.

0 تعليق