الذهب الصيني: غزو بوجهين يهدد عرش المعدن الأصفر - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عندما يذكر مصطلح الذهب الصيني في أسواق المعادن الثمينة حول العالم، يتبادر إلى الذهن فورا صورتان متناقضتان تماما.

الأولى هي لمعان الإكسسوارات الرخيصة التي تغرق واجهات العرض في الأسواق الشعبية، والثانية، وهي الأكثر إثارة للجدل، تتعلق بثورة تكنولوجية هادئة تغير مفاهيم النقاء والصلابة.

بكين، التي تقف متربعة على عرش أكبر منتج ومستهلك للمعدن النفيس في العالم، تقود اليوم غزوا مزدوجا يعيد تشكيل خريطة الأصول الثمينة ويثير أسئلة جدية حول مستقبل هذه الصناعة العريقة.

بريق التقليد وتشويه السوق

الجانب الأول من هذا الغزو هو المعتاد والأكثر انتشارا: المجوهرات المطلية بطبقة رقيقة من الذهب، والتي تباع بأسعار زهيدة لا تقارن.

هذه القطع، المصنوعة غالبا من النحاس أو الزنك، لا تؤثر بشكل مباشر على سعر الأونصة في بورصات لندن ونيويورك، فسعر الذهب العالمي تحكمه عوامل أكبر تتعلق بالسياسات النقدية والطلب الاستثماري.

لكن خطر هذا النوع من الذهب الصيني يكمن في مكان آخر؛ إنه يحدث تشويها في قاع السوق.

في الأسواق الشعبية، تقدم هذه البدائل كحل اقتصادي للزينة، خاصة مع الارتفاعات القياسية الأخيرة لأسعار المعدن الحقيقي.

هذا الأمر يفتح الباب أمام منافسة غير متكافئة مع المجوهرات الأصلية ذات العيارات المنخفضة مثل عيار 14 أو 18، ويؤدي إلى تراجع الطلب على هذه الشريحة من المجوهرات الحقيقية، ويثير فوضى لدى المستهلك العادي.

ثورة الذهب الصلب عيار 24

أما الوجه الآخر، وهو الأهم والأكثر تأثيرا على المدى الطويل، فهو ليس تقليدا، بل ابتكار صناعي مذهل. نجح المصنعون الصينيون في تطوير ما يعرف بـ الذهب الصلب Hard Gold.

هذا ليس مجرد سبيكة جديدة، بل هو ذهب حقيقي نقي عيار 24 قيراطا، تمت معالجته بتقنيات متقدمة تشمل الطباعة ثلاثية الأبعاد والمعالجات الحرارية لتغيير بنيته الجزيئية.

النتيجة هي قطع ذهبية تحمل النقاء الكامل 99.9999 بالمائة والبريق المميز للعيار 24، ولكنها في الوقت نفسه تتمتع بصلابة ومتانة تعادل، وأحيانا تتفوق على، سبائك عيار 18 قيراطا المخلوطة بمعادن أخرى.

هذا الابتكار يحل المعضلة الأزلية التي واجهت صناع المجوهرات قرونا: ليونة الذهب النقي الشديدة وقابليته للخدش والتشوه.

الآن، أصبح بإمكان المصممين إبداع قطع معقدة ودقيقة باستخدام عيار 24 مباشرة، دون الحاجة للتضحية بالنقاء مقابل المتانة.


تداعيات الغزو المزدوج

لماذا كل هذا مهم على الساحة العالمية؟ لأن الصين هي الرقم الأصعب في معادلة الذهب.

كونها أكبر مستهلك، فإن أي تغير في أذواق مواطنيها يهز أسواق التصدير العالمية.

هذا الغزو المزدوج يضع السوق في مأزق حقيقي. من ناحية، يقلل التقليد من شهية الطبقات الدنيا لشراء الذهب الحقيقي ذي العيارات المنخفضة.

ومن ناحية أخرى، يبدأ الابتكار الذهب الصلب في سحب الطبقات العليا والمستثمرين نحو عيار 24 الصلب، كبديل أفضل يجمع بين القيمة الاستثمارية النقاء والقيمة العملية المتانة، على حساب العيارات المخلوطة التقليدية.

قد لا يؤثر هذا الغزو، على المدى القصير، في سعر الأونصة العالمي الذي لا يزال رهينا لسياسات الفيدرالي الأمريكي والتوترات الجيوسياسية.

لكنه، وبلا أدنى شك، يحدث زلزالا عميقا في بنية الطلب على المجوهرات على مستوى العالم. لقد فتحت بكين الباب أمام مستقبل قد يكون فيه الذهب الأكثر نقاء هو أيضا الأكثر قوة، وهذه معادلة لم تكن ممكنة قبل اليوم.

0 تعليق