بعد أن طوى شهر تشرين الأول / أكتوبر صفحاته دون أمطار تذكر، ومع استهلال شهر تشرين الثاني /نوفمبر، تتجه أنظار الأردنيين، وبخاصة قطاع المزارعين، صوب السماء، استبشارا بهطول الغيث وبداية الموسم المطري الفعلي.
وتتزايد التساؤلات حول ما إذا كانت المملكة ستتأثر بأول منخفض جوي مصنف لهذا الموسم خلال هذا الشهر.
لا منخفضات مصنفة في المدى المنظور
وفقا للتحليلات الصادرة عن المتنبئين الجويين في مركز "طقس العرب"، وبالاعتماد على الخرائط الجوية الحاسوبية المتقدمة، فإن المؤشرات الحالية لا تشير إلى احتمالية تشكل أي منخفض جوي مصنف في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط قادر على التأثير على الأردن، على الأقل حتى العاشر من شهر نوفمبر 2025.
وعلى العكس من ذلك، تشير التوقعات إلى أن الأجواء ستبقى أقرب إلى "الصيفية" خلال الأيام القادمة، مع استمرار الانقطاع المطري.
الأنظمة الجوية وسبب الاستقرار
وبحسب قراءة الأنظمة الجوية العالمية، يعود هذا الاستقرار المتوقع إلى نشاط مكثف للمنخفضات الجوية فوق القطب الشمالي. هذا النشاط يعمل على تركيز الكتل الهوائية القطبية شديدة البرودة على شمال الولايات المتحدة وشمال المحيط الأطلسي، مرورا بشمال وغرب أوروبا.
هذا الوضع الجوي المعقد يمنع، بشكل فعال، تشكل أو تعمق المنخفضات الجوية في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وبالتالي غياب الفرص الحقيقية للأمطار الشاملة عن المملكة حتى التاريخ المذكور.
وفي ظاهرة تخالف المألوف المناخي لشهر تشرين الثاني (نوفمبر) في الأردن، يسود طقس مستقر ولكنه دافئ بشكل لافت.
ويعتبر شهر نوفمبر عادة البداية الفعلية لأجواء الخريف المائلة للبرودة في المملكة، وهو الشهر المرتبط في الذاكرة الشعبية ببدء موسم "أمطار الوسم"، وتساقط الأوراق، والبرودة الليلية الواضحة التي تدفع المواطنين للبدء في ارتداء المعاطف وتجهيز وسائل التدفئة.
إلا أن الواقع الحالي جاء مخالفا تماما لهذا المشهد التقليدي. ففي ظاهرة جوية غير مألوفة على الإطلاق، أفاد تقرير متخصص صادر عن مركز "طقس العرب" اليوم، الخميس، بأن المملكة سجلت رقما قياسيا جديدا في درجات الحرارة.
وأوضح التقرير أن محطات الرصد الجوي الرسمية في العاصمة عمان قد رصدت، خلال ساعات عصر يوم الأربعاء 5 نوفمبر، درجة حرارة قاربت حدود 32 درجة مئوية في المناطق الشرقية للعاصمة.
وبالعودة إلى الأرشيف المناخي لمحطة مطار عمان المدني، وصلت درجة الحرارة العظمى الاربعاء إلى 31.8 درجة مئوية بالضبط. وبذلك، يصبح هذا الرقم هو الأعلى المسجل رسميا في سجلات العاصمة المناخية لشهر نوفمبر، على الأقل منذ عام 1999، أي منذ ما يزيد على عقدين من الزمن، محطما الرقم السابق المسجل عام 2016 (31.3 درجة).
كتلة هوائية حارة نسبيا تغير ملامح الخريف
ويعود السبب في هذا الارتفاع غير الاعتيادي إلى تأثر الأردن وسائر مناطق بلاد الشام، منذ أيام، بكتلة هوائية توصف بأنها "حارة نسبيا". هذه الكتلة اندفعت من الجنوب، قادمة من عبر شبه الجزيرة العربية وشمال شرق أفريقيا، لتتوضع فوق المنطقة.
وأدى هذا الوضع الجوي إلى دفع مؤشر الحرارة إلى مستويات عالية جدا وغير مألوفة، حيث لاحظ الأردنيون استمرار درجات الحرارة النهارية فوق مستوى 29 درجة مئوية لعدة أيام متتالية، حتى في المرتفعات الجبلية العالية.
وكان "طقس العرب" قد نجح في التنبؤ بوصول الحرارة إلى هذه المستويات القياسية، حيث أظهرت توقعاته وصول العظمى إلى 32 درجة مئوية في شرق عمان، مشيرا إلى أنها قد تكون مستويات غير مسبوقة، وهو ما أكدته بيانات الرصد الرسمي بالفعل.

0 تعليق