من الطبيعي أن يشعر الرياضيون -سواء المبتدئون أو المحترفون- ببعض الآلام الجسدية خلال التمارين، مثل الوخز الجانبي أو التشنجات العضلية أو الصداع أو آلام العضلات بعد الجهد.
ولكن هذه الأعراض، وإن كانت شائعة، تخفي وراءها أسبابا فسيولوجية دقيقة ترتبط بطريقة عمل الجسم أثناء الحركة.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listوفي ما يلي، يشرح عدد من الخبراء الألمان أسباب هذه الأعراض وطرق التعامل معها والوقاية منها.
الوخز الجانبي.. لغز البطن المزعج
يقول مارسيل رويتر المحاضر بالجامعة الألمانية للوقاية والإدارة الصحية إن العلم لم يتوصل بعد إلى سبب قاطع للوخز الجانبي الذي يشعر به كثيرون أثناء الجري أو التمارين المكثفة.
ولكن الأبحاث الحديثة تشير إلى دور الغشاء البريتوني، وهو الغشاء الذي يبطن تجويف البطن ويتكون من عدة طبقات تحتوي على مستقبلات حسية للألم "عندما تتأثر هذه المستقبلات بالحركة أو الضغط الداخلي الناتج عن امتلاء المعدة أو التنفس السريع، يحدث الألم المعروف بالوخز الجانبي".
ولهذا السبب، ينصح الخبير بتجنّب تناول وجبات كبيرة قبل التمارين بساعتين أو ثلاث على الأقل، كما يحذر من المشروبات المحلاة أو المتساوية التوتر (الإيزوتونية) التي قد تُفاقم المشكلة.
وتلعب وضعية الجسم دورا مهما أيضا. فالجري المنتصب يزيد الضغط على البطن أكثر من ركوب الدراجة مثلا، مما يجعل العدّائين أكثر عرضة لهذا النوع من الألم.
أما عن العلاج، فيوصي رويتر بتجربة وسائل مختلفة مثل تباطؤ الوتيرة، أو التحكم في التنفس، أو الضغط الخفيف على موضع الألم، أو التدليك الدائري. وفي أغلب الحالات، يختفي الألم تدريجيا عند الاستمرار بالمشي أو بعد بضع دقائق من الراحة.
آلام العضلات ليست شيئا واحدا
يوضح رويتر أن ما يُعرف باسم "آلام العضلات" ليس نوعا واحدا، بل عدة أشكال تختلف باختلاف شدة التمرين وطبيعة الجهد المبذول.
فعادة ما تظهر هذه الآلام نتيجة تمارين غير معتادة أو قوية جدا تؤدي إلى تلف مؤقت في الألياف العضلية أو النسيج الضام، وهو ما يدفع الجسم لاحقا إلى ترميم نفسه حيث "يبدأ الألم بعد 12 إلى 24 ساعة من التمرين، ويبلغ ذروته بين اليوم الأول والثالث".
إعلان
ورغم أن الألم قد يسبب تراجعا مؤقتا في الأداء فإنه لا يشير بالضرورة إلى إصابة خطيرة.
ولتجنّبه، يوصي الخبراء بتبنّي مبدأ التدرّج، أي زيادة شدة التمارين تدريجيا بدل القفز مباشرة إلى الأحمال العالية.
أما في حال حدوث الألم، فالحل ليس الراحة التامة بل تنشيط الدورة الدموية من خلال نشاطات خفيفة مثل ركوب الدراجة أو المشي، إلى جانب الحمامات الدافئة والكمادات الساخنة التي تساعد في تسريع عملية الشفاء.
التشنجات.. رسالة العضلات المجهَدة
من جانبه، يقول أكسل كلاين أخصائي الطب الرياضي بمدينة دريسدن إن التشنجات العضلية غالبا ما تكون نتيجة إجهاد زائد أو اختلال في توازن المعادن (الإلكتروليتات) مثل المغنسيوم والبوتاسيوم.
ويشرح كلاين بالقول "عند التعرّق الشديد، يفقد الجسم هذه المعادن الأساسية، مما يؤدي لتقلصات لا إرادية في العضلات".
وتُصيب التشنجات الرياضيين الذين يركضون لمسافات طويلة أو يؤدّون تمارين شديدة الاهتزاز مثل لاعبي كرة القدم والعدّائين.
كما أن تآكل الأقراص الفقرية مع التقدّم في السن (بسبب فقدان الماء في العمود الفقري) يقلل من مرونة الفقرات ويزيد احتمال حدوث التشنجات.
وللوقاية، ينصح كلاين بارتداء جوارب ضاغطة لتحسين تدفق الدم، وبالحرص على الترطيب المنتظم بمشروبات تحتوي على إلكتروليتات.
ويؤكد رويتر أن التمرين التدريجي، مع فترة إحماء مناسبة، يقلل خطر التشنجات إلى حد كبير.
أما في حال حدوثها، فيُستحسن التوقف عن التمرين وأخذ قسط من الراحة، مع تدفئة المنطقة المتشنجة والتدليك برفق لتحفيز تدفق الدم. كما تساعد تمارين الإطالة السلبية -أي شد العضلة بلطف- في تسكين الألم.
الصداع.. إنذار يجب عدم تجاهله
كما يُحذّر الطبيب كلاين من تجاهل الصداع الذي يظهر أثناء التمارين الرياضية، خصوصا إذا كان متكررا. فقد يكون ناجما عن ارتفاع ضغط الدم أثناء الجهد، ويظهر عادة في مقدمة الجبهة.
وفي هذه الحالة، يُنصح بإجراء تخطيط كهربية القلب أثناء الجهد "إي كيه جي" (EKG) لمعرفة السبب بدقة. أما إذا كان الصداع في مؤخرة الرأس، فغالبا ما يرتبط بتوتر عضلات الرقبة والكتفين.
ويقول كلاين "كثير من العدّائين القادمين من بيئات مكتبية يحملون توترا عضليا مزمنا، ويرفعون أكتافهم لا إراديا أثناء الجري".
ولذلك، يُستحسن العمل على استرخاء عضلات الرقبة والكتفين أثناء التمارين، مع تجنب تناول مسكنات الألم أثناء التدريب.
ويحذّر الخبير من استخدام الإيبوبروفين، لأنه يضع عبئا إضافيا على المعدة ويقلل من تدفق الدم إليها، مما قد يؤدي إلى مشكلات هضمية خطيرة عند المجهود.
الوقاية خير من العلاج
يتفق الخبراء على أن مفتاح السلامة في ممارسة الرياضة هو الوعي الجسدي والتدرج في الجهد.
فمعظم المشكلات (من التشنجات إلى الصداع) يمكن تفاديها بتقنيات بسيطة مثل:
الإحماء والتمدد قبل التمارين. شرب الماء والمحاليل المعدنية بانتظام. تجنّب الوجبات الثقيلة قبل التدريب. الإصغاء للجسم والتوقف فور الإحساس بألم غير طبيعي.إذن فالجسم الرياضي القوي ليس ذلك الذي لا يشعر بالألم، بل الذي يعرف كيف يستمع إلى إشاراته ويتعامل معها بحكمة.
إعلان

0 تعليق