Published On 24/10/202524/10/2025
|آخر تحديث: 20:45 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:45 (توقيت مكة)
بعد سنوات من أزمة غياب الأفلام المصرية عن المهرجانات وصعوبة العثور على عمل يمثلها في المحافل الدولية، شهدت الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، المقامة خلال الفترة من 16 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، مشاركة مصرية لافتة من خلال عدد من الأفلام التي تنافس في المسابقات الرسمية وأخرى تعرض خارج المسابقة، وهو ما يطرح تساؤلا عما إذا كان هذا يعد مؤشرا على عودة الحضور المصري بقوة إلى ساحة المهرجانات.
المسابقة الرسمية
تشارك مصر في المسابقة الرسمية بفيلمين لافتين: الأول هو "كولونيا" للمخرج محمد صيام، ومن بطولة أحمد مالك والممثل الفلسطيني كامل الباشا. تدور أحداث الفيلم حول مواجهة بين أب وابنه، تكشف أسرارا غامضة تسببت في فتور العلاقة بينهما، خاصة بعد وفاة الأم.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listأما الفيلم الثاني فهو "المستعمرة" للمخرج محمد رشاد، والذي عرض أول مرة في قسم وجهات نظر بمهرجان برلين السينمائي، وتتناول أحداثه واقع الحياة المهمشة في الإسكندرية من خلال قصة شقيقين يعرض عليهما العمل في المصنع نفسه الذي فقدا فيه والدهما إثر حادث عمل مأساوي.
" frameborder="0">
الأفلام الوثائقية
تشارك مصر في مسابقة الأفلام الوثائقية بفيلمين يعكسان ثراء التجربة الإنسانية وتنوّع الرؤى الفنية.
الفيلم الأول، "50 متر" للمخرجة يمنى خطاب، يرصد رحلة شخصية مؤثرة تستخدم فيها المخرجة الكاميرا وسيلة لإعادة بناء الجسور العاطفية مع والدها، في تجربة تمزج بين الحس الإنساني والتعبير الفني الصادق. وقد عُرض الفيلم أول مرة ضمن مهرجان كوبنهاغن السينمائي.
أما الفيلم الثاني، "الحياة بعد سهام" للمخرج نمير عبد المسيح، فينطلق من تجربة ذاتية بعد وفاة والدته، ليقدّم رؤية شاعرية حول الفقد والذاكرة، مستكشفا عبر رحلة بين مصر وفرنسا جذور العائلة وسيرة المنفى، في عمل يجمع بين الحنين والبحث عن الذات.
الأفلام القصيرة
وفي مسابقة الأفلام القصيرة عدد من الأعمال التي تجمع بين التجريب والواقعية والتأمل الإنساني.
إعلان
الفيلم الأول "خائنة الأعين" من إخراج سعد دنيور وعبد الرحمن دنيور، ويقدم سردا مزدوجا يستعيد فيه التوأمان المتطابقان عمر ووسام ذكرياتهما المشتركة منذ لحظة اتحادهما في رحم الأم حتى الفراق المأساوي بالموت.
أما فيلم "الخروج من قاعدة علي وماهر"، فتدور أحداثه في قرية ريفية هادئة يعمّها الاضطراب حين يهرب حمار مزارع فيثير سلسلة من الأحداث تكشف عن توترات خفية وعبثية الرأسمالية وهيمنة الطبقات، في معالجة تجمع بين السخرية والواقعية.
ويقدم سامح علاء فيلمه "س الديب ورحلة البحث عن التاج المفقود"، حيث يتأمل رجل مسار حياته من خلال قصة شعر رأسه، فيسترجع صدمات الطفولة، والحب الأول، وفقدان شعره، وصولا إلى خسارة أعز شخص في حياته.
أما فيلم "عن أشباحهن" للمخرجة سهى بلال، فيتناول حكاية نورا التي تتردد في خوض تجربة الزواج وتكوين عائلة، بينما ترعى أنيس المصابة بالخرف، والتي تكابد تشوش ذكرياتها عن الأمومة وعائلتها التي لم تعد موجودة.
عروض خارج المسابقة
تشارك السينما المصرية في قسم العروض خارج المسابقة بعدد من الأفلام التي تقدم رؤى اجتماعية وإنسانية متنوعة.
الفيلم الأول "السادة الأفاضل" للمخرج كريم الشناوي، وتدور أحداثه في قرية مصرية حول عائلة "أبو الفضل" التي يهزها موت الأب، ليكتشف الأبناء -طارق الذي يجد نفسه مضطرا إلى تحمل مسؤولية الأسرة، وحجازي الطبيب العائد من القاهرة- أن والدهما البسيط الذي عرفاه لم يكن كما ظنّا، إذ يتبين أنه كان متورطا في تجارة الآثار، ويخفي شبكة من الأسرار والديون التي تهدد بتمزيق العائلة.
أما الفيلم الثاني "ولنا في الخيال حب؟" للمخرجة سارة رزيق، فيتناول قصة أستاذ جامعي منطوٍ تضطرب حياته حين تطلب منه إحدى الطالبات مساعدتها في حل مشكلاتها العاطفية، وأثناء محاولته التوسط بينها وبين حبيبها يكتشف شيئا فيها يوقظ مشاعره.
ويعرض أيضا الفيلم الروائي الأول للمخرجة سارة جوهر بعنوان "هابي بيرث داي" الذي يقدم دراما اجتماعية عن الانقسام الطبقي في القاهرة، حيث يتقاطع عيد ميلاد طفلة ثرية مع أحلام فتاة عاملة تظن بالخطأ أنها مدعوة إلى الحفل، في معالجة تكشف التناقضات الطبقية والمشاعر الإنسانية خلفها.
أكد الناقد السينمائي طارق الشناوي -في حديثه للجزيرة نت- أن الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي تشهد حضورا مصريا مميّزا رغم ما يُعرف "بأزمة الفيلم المصري"، موضحا أن الإدارات السابقة كانت تضطر إلى قبول المتاح نظرا لقلّة الإنتاج في السنوات الأخيرة. وأشار إلى أن فريق المهرجان هذا العام نجح بخبرته في تقديم مجموعة متنوعة من الأفلام المصرية، حتى إن لم تشارك جميعها في المسابقة الرسمية، مشيدا بمشاركة المخرجتين سارة جوهر وسارة رزيق بوصفها خطوة جريئة ومغامرة محسوبة.
وأضاف الشناوي أن الفضل في هذا النجاح يعود إلى فريق البرمجة بالمهرجان، الذي استطاع تجاوز أزمة الإنتاج المحلي واختيار أعمال تعبّر عن روح السينما المصرية المعاصرة، وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة ازدهارا في حجم الإنتاج نفسه.
من جانبه، رأى الناقد محمد نبيل أن المهرجان حقق توازنا بين الأعمال الفنية والجماهيرية، مشيرا إلى أن فيلم "السادة الأفاضل" المعروض خارج المسابقة رغم طابعه التجاري يخلق زخما جماهيريا ينعكس إيجابا على المهرجان. واعتبر ذلك تبادل منفعة مشروعا بين المهرجان وصنّاع الفيلم، كما هو الحال في المهرجانات العالمية الكبرى.
إعلان
وأشار نبيل إلى أن الفيلم التسجيلي "الحياة بعد سهام" يُعد من أبرز أفلام الموسم، بفضل حساسيته ورقّته الفنية، بينما يُمثّل فيلم "50 متر" نموذجا مثاليا لاختيارات المهرجان الواعية لطبيعة جمهوره. وأوضح أن وجود أفلام لمخرجين في تجاربهم الأولى، إلى جانب أسماء عالمية مثل جيم جارموش، يعكس تنوعا لافتا وجرأة في البرمجة.
وختم بقوله إن إدارة المهرجان تبدو هذا العام أكثر إصرارا على تعزيز الحضور المصري داخل المسابقات وخارجها، وهو ما نجحت فيه بوضوح مقارنة بالدورات السابقة.

0 تعليق