في ليلة ستبقى خالدة في سجلات كرة القدم العربية والإفريقية، توّج منتخب المغرب للشباب بطلاً لكأس العالم تحت 20 عاماً (تشيلي 2025) لأول مرة في تاريخه، بعد فوزه الملحمي والمستحق على صاحب الرقم القياسي، منتخب الأرجنتين، بهدفين دون مقابل. على أرضية ملعب "سانتياغو الوطني" الأسطوري، قدم "أشبال الأطلس" درساً في الواقعية التكتيكية والروح القتالية، لينهوا مغامرة "راقصي التانغو" ويحققوا إنجازاً غير مسبوق للكرة المغربية.
الشوط الأول: براعة "زبيري" تصدم "التانغو"
بدأ نهائي الحلم بإيقاع سريع، حيث تبادل الفريقان الهجمات منذ الدقيقة الأولى. وفي الدقيقة السادسة، كاد المغرب أن يفتتح التسجيل بعد عرقلة ياسر زبيري على خط منطقة الجزاء. وبعد العودة لتقنية "الفار" لاحتمالية وجود ركلة جزاء، احتسب الحكم ركلة حرة مباشرة خطيرة جداً.
لم ينتظر المغاربة طويلاً لاستغلال الموقف. ففي الدقيقة 12، انبرى الاختصاصي ياسر زبيري للكرة الثابتة، وأطلق تسديدة لولبية متقنة سكنت الزاوية اليمنى لمرمى الحارس الأرجنتيني، معلناً عن هدف أول أشعل مدرجات الملعب.
بعد الهدف، انتفض المنتخب الأرجنتيني بكل قوته، وفرض ضغطاً هائلاً على مرمى الحارس المغربي إبراهيم غوميز. تحمل الدفاع المغربي، الأكثر صلابة في البطولة، عبء المباراة، ونجح في صد الهجمات المتتالية، خاصة من النجم الأرجنتيني بريستياني.
وفي عز الضغط الأرجنتيني، ومن هجمة مرتدة نموذجية في الدقيقة 29، أثبت المغرب أنه الأكثر حسماً. انطلق عثمان معمة بسرعته المعهودة على الرواق الأيمن، وتوغل قبل أن يمرر كرة عرضية أرضية متقنة، وجدت ياسر زبيري مرة أخرى في المكان المناسب، ليضعها بلمسة واحدة في الشباك، مسجلاً هدفه الشخصي الثاني ومضاعفاً النتيجة.
كادت الأرجنتين أن تعود للمباراة في الوقت بدل الضائع، لكن تألق الحارس إبراهيم غوميز حرم بريستياني من هدف محقق (د 45+3)، قبل أن يهدر نفس اللاعب فرصة لا تضيع بانفراد تام جاور القائم (د 45+4)، لينتهي الشوط الأول بتقدم مغربي مذهل 2-0.
الشوط الثاني: ملحمة دفاعية مغربية حتى التتويج
كان الشوط الثاني عبارة عن "ملحمة دفاعية" بكل ما تحمله الكلمة من معنى. دخلت الأرجنتين الشوط الثاني وهي ترمي بكل أوراقها الهجومية، محاصرة المنتخب المغربي في مناطقه. لكن كتيبة المدرب محمد وهبي أظهرت نضجاً تكتيكياً وانضباطاً استثنائياً.
تحول "أشبال الأطلس" إلى جدار صد منيع. كان الحارس إبراهيم غوميز "أسداً" في مرماه، وتصدى لكل التسديدات البعيدة والكرات العرضية. كما قدم قلبا الدفاع إسماعيل باعوف وإسماعيل بختي أداءً بطولياً، ونجحا في تحييد خطورة هجوم "التانغو" تماماً.
ومع مرور الدقائق، بدأ اليأس يتسرب إلى نفوس اللاعبين الأرجنتينيين، الذين اصطدموا بروح قتالية مغربية لا تلين. ورغم الاستحواذ الأرجنتيني المطلق، فشل بطل العالم 6 مرات في إيجاد أي ثغرة حقيقية للوصول إلى المرمى.
وعندما أطلق الحكم صافرة النهاية، انفجرت الفرحة الهستيرية على أرض الملعب وفي المدرجات، معلنة تتويج المغرب بطلاً لكأس العالم للشباب عن جدارة واستحقاق.
أهم اللحظات:
النتيجة النهائية: المغرب 2 – 0 الأرجنتين. اللحظة الحاسمة: الهدف الثاني لياسر زبيري (الدقيقة 29)، الذي جاء من هجمة مرتدة نموذجية وحسم المباراة إكلينيكياً منذ الشوط الأول. اللاعب الأبرز: ياسر زبيري (المغرب)، بطل النهائي بلا منازع، الذي سجل هدفي الفوز وقاد "أشبال الأطلس" إلى المجد العالمي.ما القادم؟
بهذا الإنجاز، يضيف المغرب اسمه إلى قائمة الشرف، وينضم إلى غانا (2009) كأحد المنتخبين الإفريقيين الوحيدين اللذين فازا باللقب. كما يؤكد هذا الجيل الذهبي (زبيري، معمة، غوميز، وجاسم) على استمرارية الطفرة الكروية المغربية، بعد إنجاز نصف نهائي مونديال الكبار 2022 وبرونزية أولمبياد 2024، ليثبت أن المغرب أصبح قوة عالمية لا يستهان بها في جميع الفئات.
0 تعليق