كتبت بديعة زيدان:
حققت فلسطين إنجازاً كبيراً، بفوز ثلاث روايات بجائزة "كتارا" للرواية العربية في دورتها الحادية عشرة، مساء أول من أمس، في حفل أقيم بدار الأوبرا بالعاصمة القطرية، الدوحة، فعن فئة الرواية المنشورة، فاز الروائي محمد جبعيتي عن روايته "الطاهي الذي التهم قلبه" الصادرة عن منشورات المتوسط في إيطاليا، والروائية رولا غانم عن روايتها "تنهيدة حرية"، الصادرة عن دار ببلومانيا في القاهرة، في حين فازت الكاتبة الفلسطينية مريم قوش، المُحاصرة في قطاع غزة، بالجائزة عن فئة الرواية غير المنشورة، بمخطوط روايتها "حلمٌ على هدب الجليل".
وفي رواية "الطاهي الذي التهم قلبه" يمزج جبعيتي بين التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر، وأشهر الطبخات، عبر سردية "جمال" الذي لا تفارقه فلسفة الطعام، وخصوصيتها في فلسطين، منذ طفولته، حين كان يعيش برفقة جدّته، التي ولدت في حي المنشية بمدينة يافا العام 1932، حتى فجر السابع والعشرين من شباط 1948، لتُرغمها العصابات الصهيونية على مغادرة بيتها يافعة، رابطاً في سرديته هذه بين الأحداث المفصلية والطعام الفلسطيني، سواء في احتلال العام 1967، أو "انتفاضة الحجارة" في العام 1987، وصولاً إلى ما عُرف بـ"هبة السكاكين"، وإحراق المستوطنين لعائلة دوابشة أحياءً في قرية "دوما" قرب نابلس.
أما رواية "تنهيدة حريّة" لرولا غانم، فهي عبارة عن بانوراما واسعة لمعاناة المرأة الفلسطينية متعددة الأوجه، فهي لا تقاوم الاحتلال فحسب، بل تقاوم أيضاً الفقر، والتهميش، وسلطة المجتمع الذكوري المتمثلة في الزوج والأب والعم، كما تطرح بجرأة قضايا اجتماعية حساسة ومؤلمة بواقعية شديدة، كزواج القاصرات، والعنف الأسري، واستغلال الأيتام، والنفاق الاجتماعي، وغير ذلك، مظهرة أيضاً أن التهجير في النكبة لم يكن مجرد حدثٍ تاريخي عابر، إنّما شرخ عميق ومستمر يمتد أثره عبر الأجيال، فيتجسد في شكل شتات عائلي، وضياع للهوية، وحلم بالعودة لا يموت.
وفاز في فئة الروايات العربية المنشورة إضافة إلى كل من جبعيتي وغانم، الروائي اليمني حميد الرقيمي عن روايته "عمى الذاكرة"، ويتحصل كل فائز منهم على 30 ألف دولار أميركي، إضافة إلى ترجمة الروايات الفائزة إلى اللغة الإنكليزية.
وفي فئة الروايات غير المنشورة فاز، إضافة إلى قوش، كل من: المصري أحمد صابر حسين عن مخطوط روايته "يافي"، والعراقي سعد محمد عن مخطوط روايته "ظل الدائرة"، وتبلغ قيمة كل جائزة 30 ألف دولار أميركي، علاوة على طباعة الأعمال الفائزة وترجمتها إلى اللغة الإنكليزية.
وفاز في فئة الدراسات التي تُعنى بالبحث والنقد الروائي، ثلاثة نقاد، هم: الأردني سامي القضاة عن دراسته "التقنيات السردية لرواية ما بعد الحداثة (الرواية الخليجية نموذجاً)"، والمغربي عبد الرزاق المصباحي من المغرب عن دراسته "الرد بالرواية: دراسة في استراتيجيات السرد الثقافي"، والمصري محمد مشرف خضر عن دراسته "استراتيجيات السرد في الرواية العربية: جدلية الجمالي والثقافي في روايات ما بعد الربيع العربي"، وتبلغ قيمة كل جائزة 30 ألف دولار أميركي، فيما تتولى لجنة الجائزة طبع الدراسات ونشرها وتسويقها.
أما في فئة رواية الفتيان، ففاز كل من السوري ربيع مرشد عن روايته "جيمة وجوما في عواصمنا المعلومة"، والجزائرية سميرة بن عيسى عن روايتها "سيفار"، و المغربية نعيمة فنو عن روايتها "أجنحة من خشب"، وتبلغ قيمة كل جائزة 15 ألف دولار لكل فائز، إضافة إلى طباعتها ونشرها.
وفي فئة الرواية التاريخية غير المنشورة، فاز التونسي عمر الجملي عن روايته "ديان بيان فو تاريخ من أهملهم التاريخ"، وفي فئة الرواية القطرية المنشورة فازت هدى النعيمي، عن روايتها "زعفرانة".
وأعلن خالد السليطي، مدير عام المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" عن إطلاق جائزة كتارا الدولية، وهي خاصة بالروايات المكتوبة باللغات: الإنكليزية، والفرنسية، والإسبانية، لفسح المجال أمام روائيين غير عرب للمشاركة، بهدف إحداث تقارب بين الثقافات، وكذلك مشروع "الرواية تجمعنا"، ويقوم على مشاركة روائي قطري مع روائي من إحدى الدول العربية (التي يقع عليها الاختيار لتكون رواياتها ضيف شرف مهرجان كتارا للرواية العربية في ذلك العام)، لإقامة توأمة بين روائي قطري وروائي عربي، وكذلك مشروع تحويل الروايات غير المنشورة والرواية التاريخية غير المنشورة إلى أفلام ذكاء اصطناعي بشروط محددة تُعلَن في حينه، إلى جانب إطلاق مسابقة كتارا للرواية الشبابية، وهي خاصة بطلاب الجامعات على امتداد الوطن العربي.
0 تعليق