أوضاع الصحة النفسية في ليبيا بين نقص الإمكانات وغياب الاستراتيجية
ليبيا – وصف الطبيب المتخصّص في الأمراض النفسية والعقلية فتح الله زروق أوضاع المصابين بالأمراض النفسية بأنها “صعبة جداً”، في ظلّ غياب بيئة مناسبة لعلاجهم، مشيراً إلى أن البيئة المجتمعية تبقى أفضل حاضنة لمساندة هذه الحالات.
نقص المنشآت والإمكانات
أوضح زروق أنّ مستشفى الرازي، وهو الأكبر في البلاد، متهالك ويعاني من نقص شديد في الكوادر والإمكانات، بينما المستشفيات المماثلة في سبها وبنغازي شبه متوقفة، مما يضاعف الضغط عليه. وأكد أن المؤسسات المخصصة للإيواء والعلاج النفسي قليلة للغاية، بسبب عجز الدولة عن توفير الدعم الكافي.
الاضطرابات المرتبطة بالنزاعات والأزمات
تحدّث زروق عن تزايد حالات الاكتئاب والقلق بين الليبيين، لاسيما تلك المرتبطة بالحروب والنزوح، فضلاً عن اضطرابات ما بعد الصدمة. وأشار كذلك إلى أن بعض حالات الاكتئاب ناتجة عن أزمات اجتماعية مثل فقدان أحد الوالدين بسبب الطلاق أو الوفاة.
غياب الإحصاءات الرسمية
لفت زروق إلى أنّ وزارة الصحة الليبية لا تملك أي إحصاءات دقيقة حول أعداد المرضى النفسيين أو الأمراض المنتشرة بينهم، وهو ما يعكس ضعف الاهتمام المؤسسي بالملف.
تقرير منظمة الصحة العالمية
ذكّر زروق بتقرير المنظمة الصادر عام 2022، الذي كشف أنّ واحداً من كل خمسة ليبيين بحاجة إلى رعاية نفسية أو عقلية نتيجة الحروب، مؤكداً ضرورة التزام السلطات بدعم هذا القطاع.
القطاع الخاص وتكاليف العلاج
أشار زروق إلى أنّ الفراغ المسجّل في القطاع العام أفسح المجال أمام القطاع الخاص، إلا أن تكاليفه المرتفعة تمنع غالبية المواطنين من الاستفادة منه.
دعوة إلى استراتيجية وطنية
طالب زروق بوضع استراتيجية وطنية تضع الصحة النفسية ضمن أولويات ليبيا، عبر توفير التمويل والكوادر والتدريب المستمر، ودمج خدمات الدعم النفسي في الرعاية الصحية الأولية. وشدّد على أنّ تجارب دول الجوار أثبتت أنّ الاستثمار في الصحة النفسية يساهم في خفض نسب الجريمة والعنف ورفع الإنتاجية، وهو ما تحتاجه ليبيا بشدّة في هذه المرحلة.
0 تعليق