في إنجاز علمي يُعادله البعض بـ«إحياء أسرار عصر الجليد»، أعلن فريق دولي من الباحثين، بقيادة معهد العلوم القديمة في السويد، استخراجا ناجحا للحمض النووي الريبوزي (RNA) من أنسجة مومياء الماموث الصوفي الشهيرة «يوكا»، التي عُثر عليها مجمدة في تربة سيبيريا الدائمة التجمد عام 2010.
الأول من نوعه
ويعد هذا الاكتشاف، الذي نُشرت تفاصيله في مجلة «Cell» العلمية المرموقة، الأول من نوعه على الإطلاق، حيث تمت استعادة سلاسل RNA كاملة تعود إلى نحو 28 ألف عام مضت – أقدم بكثير من أي RNA مستخرج سابقا من حيوانات منقرضة.
وتفتح النتائج، التي وثقتها «ناشونال جيوغرافيك» في تقرير حصري، أبوابا واسعة لفهم التعبير الجيني في الحيوانات القديمة، وقد تقرب الباحثون خطوة من إعادة إحياء أنواع منقرضة أو فك شيفرة تطورها الدقيق.
وتم استخراج الـRNA من عينات من جلد الأذن، العضلات، والكبد لـ«يوكا»، وهي أنثى ماموث صغيرة في السابعة من عمرها عند وفاتها، محفوظة بشكل استثنائي بفضل البرودة الشديدة في ياقوتيا الروسية.
وقال قائد الفريق البحثي الدكتور لوف دالين: «الـRNA أكثر هشاشة من الـDNA، لكنه يحمل معلومات حية عن كيفية عمل الجينات في اللحظة التي توقفت فيها الحياة، هذا ليس مجرد تسلسل جيني، بل لقطة زمنية لعملية التمثيل الغذائي في ماموث حي».

استعادة آلاف الجينات النشطة
واستخدم الفريق تقنيات متقدمة في الترسيب الكيميائي والتسلسل الجيني عالي الدقة، ما سمح باستعادة آلاف الجينات النشطة، بما في ذلك تلك المسؤولة عن نمو الصوف السميك، مقاومة البرد، والتمثيل الغذائي البطيء الذي مكن الماموث من البقاء في بيئات قاسية.
ويعود الماموث الصوفي إلى عصر البليستوسين المتأخر (منذ 300 ألف إلى 10 آلاف عام مضت)، وكان يجوب أوراسيا وأمريكا الشمالية في قطعان هائلة، مغطى بفراء كثيف يصل طوله إلى متر واحد، وأنياب منحنية تصل إلى 5 أمتار.
**media«2615669»**
تغير المناخ السريع
وانقرض النوع بشكل رئيسي بسبب تغير المناخ السريع في نهاية عصر الجليد، مع مساهمة الصيد البشري، رغم بقاء جيوب صغيرة حتى 4،000 عام مضت على جزر نائية، حيث كان اكتشاف «يوكا» في 2010 نقطة تحول، إذ وُجدت الجثة شبه كاملة مع دماء سائلة جزئيا، ما أثار حماسة علماء، مثل الدكتور دالين، الذين يركزون على علم الجينوم القديم.

0 تعليق