منذ بدايات الدوري السعودي والإعلام الرياضي يعيش رحلة تطورٍ متسارعةٍ أسهمت فيها القنوات الوطنية والعربية ببناء تجربة إعلامية مشرّفة.
بدأت القصة من القناة السعودية الأولى التي حملت شغف البدايات، ثم جاءت مرحلة قنوات أوربت التي شكّلت نقلة نوعية في النقل التلفزيوني وجودة الصورة والتحليل، وقدّمت تجربة متكاملة احترمت الجمهور وقدّرت وعيه.
تلتها شبكات ART وMBC PRO ثم SSC، وكلها مراحل راكمت خبرة واحترافية حتى أصبح المشهد الإعلامي الرياضي السعودي نموذجاً يحتذى في المنطقة.
لكن ما حدث أخيراً من قناة ثمانية كان صادماً لجماهير نادي الاتحاد وجماهير الكرة السعودية عامة.
ففي الوقت الذي ينتظر فيه الجميع من القناة أن تُضيف بعداً جديداً في جودة الطرح والإنتاج، تفاجأ المشاهدون بمحاولة إخفاء صوت جمهور الاتحاد أثناء النقل، في تصرّف لا يمكن تفسيره.
صوت الجمهور هو جزء من اللعبة، وهو نبض الملعب وسرّ المتعة في أي مباراة.
وحين يُخفى صوت جماهير نادٍ بحجم الاتحاد -أحد أقدم وأعرق الأندية في المملكة- فإن ذلك لا يعد مجرد خطأ تقني، بل إساءة مباشرة لجمهورٍ يشكّل رمزاً من رموز الحضور الرياضي الوطني.
فالجمهور ليس «ضوضاء» يجب كتمها، بل هو مكوّن أساسي في هوية كرة القدم، وصدى الانتماء والشغف الذي ميّز المشهد الرياضي السعودي لعقود.
إن قناة ثمانية لم تُخطئ فقط في الإجراء، بل في الفكرة ذاتها.
فمنبر إعلامي جديد كان الأجدر به أن يكون إضافة للمشهد، لا أن يسجّل أول حضور له بتصرفٍ يستفزّ الملايين ويخالف أبسط قواعد المهنية الإعلامية.
فالإعلام لا يُختبر بالشعارات، بل بالمواقف التي تُظهر احترامه للجمهور قبل الكيان.
لقد علّمتنا تجربة القنوات السابقة - التي أعادت الهيبة للبث الوطني- أن التطوّر الحقيقي ليس في التقنية بل في القيم الإعلامية.
وقناة 8 اليوم أمام اختبار صعب: هل تصحح المسار وتستعيد ثقة الجمهور؟
أم تترك انطباعاً مؤسفاً بأنها مجرد «ضجيج جديد» في ساحة إعلامية تبحث عن صوت نقي ومسؤول؟
ختاماً، يبقى السؤال الذي يتردد في مدرجات الذهب: إلى أين؟
فالجمهور لا يُلغى، وصوته لا يُخفى، لأن من لا يسمع نبض الجماهير.. لن يفهم معنى كرة القدم.
أخبار ذات صلة

0 تعليق