الرباط- "مطلوب بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية"، ملصق وُضعت عشرات النسخ منه على امتداد شارع محمد الخامس في العاصمة المغربية الرباط، من حيث عبرت الحشود المشاركة في مسيرة شعبية بمناسبة الذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى التي تصادف غدا الثلاثاء.
وتظاهر عشرات آلاف المغاربة، الأحد، في مسيرة حاشدة دعت إليها كل من الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، ومجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، دعما للمقاومة الفلسطينية ورفضا للإبادة الجماعية في غزة.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listوحمل المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ورايات كبيرة تحمل صور قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، منهم رئيس مكتبها السياسي الراحل يحيى السنوار، والناطق الرسمي باسم جناحها العسكري أبو عبيدة.
وردّد المشاركون هتافات تطالب بإسقاط التطبيع مع إسرائيل، وإنهاء حرب الإبادة في غزة، كما هتفوا بعبارات أخرى تدين اختطاف جيش الاحتلال سفن أسطول الصمود العالمي، وتعبر في الوقت ذاته عن استمرار الدعم الشعبي لخيار المقاومة في غزة وفلسطين.

احتضان ورفض
وقال عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، للجزيرة نت، عمر أمكاسو، إن "القضية الفلسطينية بالنسبة للمغاربة قضية وطنية ومركزية"، مشيرا إلى أن "مسيرة اليوم تؤكد التضامن المطلق مع غزة والوقوف إلى جانبها في السراء والضراء".
وأضاف أمكاسو، أن من أهداف المسيرة أيضا "توجيه رسالة إلى الحكام للاستماع إلى نبض شعوبهم المناصرة للقضية الفلسطينية"، مستنكرا "خذلانهم القضية وتواطؤهم مع الاحتلال"، كما ندد بالمواقف الدولية الرسمية "التي اصطفت مع الصهاينة ضد أحرار العالم" حسب تعبيره.
من جانبه، يرى المنسق الوطني للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، محمد غفري، أن "سنتين من النضال العالمي لأجل غزة أفرزتا واقعا جديدا، إذ صارت القضية الفلسطينية محتضنة من أحرار العالم فعلا لا شعارا، بدليل استمرارهم في الخروج والتضحية من أجل حرية وكرامة الشعب الفلسطيني".
إعلان
وعدّ غفري في حديث مع الجزيرة نت ذلك إنجازا، مشيرا إلى أنه "يعبر عن سقوط الرواية الصهيونية، ويُسجل تحية حارة للمغاربة الذين نزلوا إلى الميادين طيلة هذه المدة دفاعا عن فلسطين".
"عاشت فلسطين" .. مظاهرات في المغرب تضامنا مع غزة #غزة #الجزيرة_مباشر #المغرب pic.twitter.com/QwNQt6XoJD
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) October 5, 2025
وأشار الكاتب والباحث المغربي، عبد الحفيظ السريتي، إلى أن الشباب المغربي "مستعد للتضحية من أجل كسر الحصار الجائر، والتصدي لسياسة التجويع التي تُمارَس ضد الشعب الفلسطيني"، منبها إلى أن هذا الواقع "يفرض على المسؤولين أن يضعوا حداً للتطبيع".
وأكد السريتي على أن الشعب المغربي "لا يقبل التطبيع"، وقال للجزيرة نت، إنه "خطأ فادح يجب أن يتوقف فورا، كما يجب إغلاق مكتب الاتصال، وحل ما يسمى لجنة الصداقة مع من ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية".
وعبّر المغاربة طيلة سنتين عبر مسيرات مليونية مستمرة عن رفضهم للتطبيع، مطالبين بإسقاط كل "اتفاقيات الخزي والعار التي أبرمها النظام المغربي مع الاحتلال"، بحسب رئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة عبد الصمد فتحي.
وأضاف أن هذه الاتفاقيات "مكنت الصهاينة من التحكم في مفاصل الدولة، وساهمت في تفشي الفساد في مجالات الاقتصاد والفلاحة والتربية والتعليم وغيرها".
وقال فتحي للجزيرة نت، إن المسيرة المليونية اليوم تجسد وحدة الصف المغربي، إذ تتجاوز القضية الفلسطينية كل الاختلافات السياسية والأيديولوجية، لافتا إلى أن الاحتجاجات التي يخوضها المغاربة اليوم ضد سياسات الفساد والاستبداد "لا تنسيهم جرح فلسطين الغائر".

دعم أسطول الصمود
وكان أسطول الصمود العالمي حاضرا بقوة في هتافات الشارع بالرباط، إذ عبّرت الحناجر عن التحايا للمشاركين في الأسطول الذي يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ 18 سنة.
وحمل المحتجون صور المشاركين المغاربة، منهم مراسل قناة الجزيرة يونس أيت ياسين، الذي عاد إلى وطنه بعد إطلاق سراحه، والحقوقي عزيز غالي، الذي لا يزال رهن الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وفي السياق، أفاد الفريق القانوني لأسطول الصمود للجزيرة نت، بأن عزيز غالي تعرَّض للضرب والتعذيب رفقة نشطاء آخرين من تونس والجزائر، بالإضافة إلى البرازيلي تياغو أفيلا والألمانية ياسمين أجار.
كما التقت الجزيرة نت في المسيرة خديجة الرياضي، الناشطة الحقوقية وإحدى المشاركات في أسطول الصمود، وعبَّرت عن تضامنها مع زميلها غالي، قائلة للجزيرة نت "أطالب، إلى جانب كل الأصوات الحرة، بإطلاق سراحه فورا وضمان سلامته وإعادته إلى الوطن سالما".

مطالبات بالإصلاح
ولم تغب هتافات الاحتجاجات الأخيرة ضد الحكومة المغربية عن مسيرة غزة، حيث ردَّد المتظاهرون شعارات تدين الفساد وتدهور الأوضاع الاجتماعية، مثل "قالوا تازة (مدينة مغربية) قبل غزة، لا تازة نمّيتوها ولا غزة دعمتوها".
إعلان
ويشهد المغرب منذ السبت 29 أيلول/سبتمبر الماضي احتجاجات شعبية تقودها مجموعة شبابية تسمى "جيل زد 212″، للمطالبة بإقالة الحكومة الحالية برئاسة عزيز أخنوش، وإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.
وبين حشود المسيرة التقت الجزيرة نت، صهيب الشهبي، أحد الشباب المشاركين في هذه الاحتجاجات، وسبق اعتقاله في إحدى المظاهرات بالرباط قبل إطلاق سراحه لاحقا.

وأكد صهيب أن إسقاط التطبيع يعد من المطالب التي تدافع عنها الحركة الشبابية في المغرب، جنبا إلى جنب مع الإصلاح في مجالات الصحة والتعليم، وتوزيع الثروات توزيعا عادلا، والتنمية والعيش الكريم، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين وضمان حقوقهم، "بما يعكس وحدة المطالب الاجتماعية والقضايا الوطنية مع القضايا الإنسانية".
وأوضح الشاب المغربي أن القضايا الاجتماعية في المغرب، مثل العيش الكريم، تُوازي في أهميتها القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة تتطلب تنشئة إنسان واع ومثقف، "وهو ما يغيب عن المجتمع العربي منذ فترة طويلة بسبب تدهور المنظومة التعليمية" حسب قوله.
ووجّه محمد غفري تحية إجلال للشباب المغربي الذي نزل إلى الشارع، موضحا أن النضال من أجل إسقاط التطبيع هو جزء من معركة أوسع لاسترجاع السيادة الوطنية واستعادة الكرامة والعدالة الاجتماعية، كما أكد عبد الصمد فتحي أن التضامن مع فلسطين هو دفاع عن المغرب.
0 تعليق