Published On 1/10/20251/10/2025
|آخر تحديث: 10:50 (توقيت مكة)آخر تحديث: 10:50 (توقيت مكة)
يجلس المسن محمد حسن بجوار عمّته المسنة في قسم الأمراض الباطنية بمستشفى هداسا عين كارم الإسرائيلي غربي القدس، وذلك بعد وعكة صحية جديدة ألمّت بها مؤخرا، ويشترط المستشفى أن تُسرّح المسنة التسعينية إلى مركز لتأهيل المسنين، أو إلى منزلها على مسؤولية أقاربها الخاصة.
وأمام هذين الخيارين اللذين يعتبر أحلاهما مرّا، يجد محمد نفسه عاجزا عن اتخاذ القرار الصائب، إذ ترفض شقيقة عمته المريضة تسريحها إلى مركز لرعاية وتأهيل المسنين في غربي المدينة، ويخشى هو تسريحها إلى المنزل في ظل حاجة حالتها الصحية إلى متابعة طبية حثيثة.
تفتح هذه القصة آلام مئات العائلات المقدسية التي ترفض إيداع المسنين في مراكز التأهيل والرعاية بالمدينة رغم حاجة مرضاهم الماسّة للمتابعة والمبيت فيها، وذلك لأن جميع المراكز إسرائيلية وتقع في غربي المدينة، ويخلو الشطر الشرقي من المدينة من هذه الخدمات سوى قسم واحد يضمُّ 23 سريرا في مستشفى المطّلع، ولا تخلو أسرّته من المرضى على مدار العام.

حاجة وحيرة
يقول محمد للجزيرة نت "نقف مكتوفي الأيدي وقليلي الحيلة، فمن جهة لا يمكننا التعامل مع حالة عمّتي المرضية المركبة، ومن جهة أخرى لا يطاوعنا قلبنا أن نودعها في مراكز لرعاية المسنين التي لا يتحدث فيها معظم الموظفين اللغة العربية، ولن تشعر بالراحة مع وجود عدد من المسنين اليهود من حولها".
ومن أجل هذا التكبيل والعجر عن اتخاذ القرار يسعى مستشفى أوغستا فكتوريا (المطّلع) الواقع في جبل الزيتون بالقدس، لإنشاء بناية تضم 80 سريرا لرعاية وعلاج هذه الفئة من المجتمع المقدسي بسبب انعدام الخيارات.
ويعمل الطبيب المقدسي أشرف الحسيني منذ عام 2014 مسؤولا في "قسم الرعاية التمريضية المتقدمة"، والذي يقول إنه أول قسم في فلسطين يهتم بهذه الفئة العمرية، وأُنشئ بسبب الحاجة الماسة لوجوده في ظل الحالات المرضية المركّبة لمن يتم استقبالهم فيه.
إعلان
ووفقا للحسيني، فإن هذا القسم يستقبل كل مريض يحتاج إلى رعاية تمريضية لأداء الأعمال اليومية وهذا شرط أساسي لقبوله فيه، بالإضافة إلى شروط أخرى هي أن يكون المريض يعاني من تقرحات السرير العميقة، أو التجويف القصبي الذي يحتاج مرضاه إلى تنظيف وشفط للإفرازات بشكل عميق ومتكرر، أو حاجة المريض لغسيل الكلى، كما يستقبل القسم مرضى السرطان في مراحل المرض المتقدمة والتي يحتاجون فيها إلى الرعاية التلطيفية، وأخيرا المرضى غير المستقرين طبيّا.
وجميع هذه الخدمات لا توفرها دور رعاية المسنين العادية، لأن المتابعة تحتاج إلى طاقم متخصص من الأطباء والممرضين، بالإضافة إلى معالجين من تخصصات مختلفة.
وختم الحسيني حديثه للجزيرة نت بالقول إن جميع أسرّة القسم ممتلئة، ويضطر المسؤولون لإدخال مرضى إضافيين إلى أقسام أخرى؛ الأمر الذي يؤثر على آلية عمل الطواقم.

خطة للتوسع
المدير التنفيذي لمستشفى المطلع ورئيس قسم علاج الأورام بالإشعاع في المستشفى فادي الأطرش، عاد بالحديث إلى عام 1998 عندما أُنشئ هذا القسم وكان يضم 13 سريرا فقط، قبل أن يتوسع ويصل عدد الأسرّة فيه إلى 23 حاليا، ويقفز أحيانا إلى 26 سريرا تُضاف في أقسام أخرى من أجل استيعاب عدد أكبر من المرضى.
و"يتميز مستشفى المطّلع بهذه الخدمة من بين مستشفيات القدس الشرقية، إذ إن الرعاية التمريضية الحثيثة ليست مجرد رعاية عادية لمسنين، بل هي تختص بأولئك الذين يحتاجون لرعاية طبية كبيرة سواء من ناحية التغذية أو الحركة أو غسيل الكلى وما إلى ذلك" وفق الأطرش.
وتكمن أهمية توسعة هذا القسم وفقا لمدير المستشفى في أن دُور رعاية المسنين تفتقر للخدمات التي يقدمها، ويتميز القسم الحالي بأن اللغة التي يتحدث بها الطاقم هي ذاتها التي يتحدث بها المرضى وهذا يشعرهم بالأمان والراحة.
ويضيف الأطرش: "لا نتحدث ذات اللغة فحسب، بل تحتضن بيئة المستشفى المسنين وعائلاتهم الذين يعبّرون عن أهمية قرب الموقع الجغرافي للمطّلع من أحيائهم ومنازلهم، وهكذا تكتمل الصورة التي تجتمع بها الراحة النفسية والمعنوية والإحساس بالكرامة والاهتمام لكبير السن، وهذا كلّه مهم، ويعتبر جزءا من العلاج".
وبمناسبة اليوم الدولي للمسنين الذي يحل في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، يأمل مدير المستشفى أن تتحول الخطط الشاملة -التي وُضعت لإقامة مركز لعلاج وتأهيل ورعاية المسنين- إلى واقع ملموس، وكان ذلك قريبا من التحقق، لكن الظروف الراهنة في البلاد تحول حتى الآن دون الحصول على التمويل اللازم، إذ تبلغ تكلفة المشروع 45 مليون دولار أميركي.
و"سيشمل المركز خدمات تضاف إلى الخدمات الحالية المقدمة للمسنين في القسم القائم.. نحن حصلنا على التراخيص اللازمة لإنشاء هذا المركز المتخصص ولدينا الخطط، ونعتبر أن هذه التوسعة ضرورية جدا لتبقى هذه الفئة من المجتمع داخل مدينة القدس وبين أبنائها".
#هل_تعلمون؟ 15 من أصل 21 دستورًا عربيًا يتضمن بنودًا حول حقوق كبار السن وحمايتهم أو خدمات مخصصة لهم، ولكن ما زال هناك حاجة إلى مزيد من الخطوات لترجمة هذه البنود إلى واقع.#اليوم_الدولي_للمسنين pic.twitter.com/m8KSSsVObu
— ESCWA (@UNESCWA) September 30, 2025
يوم المسنين
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت في عام 1990 أن الأول من أكتوبر/تشرين الأول هو يوم دولي للمسنين، بهدف تسليط الضوء على التحديات التي تواجه كبار السن ودعمهم في حياتهم اليومية.
إعلان
وجاء على الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة أن التحولات الديموغرافية تجعل العمل مُستعجلا أكثر من أي وقت مضى، لأن فئة كبار السن تشكل شريحة متنامية بسرعة في المجتمع، لا سيما في البلدان النامية.
كما أن السياسات التي تمكّن كبار السن، وتضمن لهم الوصول العادل إلى الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، وتقضي على التمييز، تُعد ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة في عالم يشهد شيخوخة سكانية.
ومن خلال تضخيم أصوات كبار السن والاعتراف بمساهماتهم، يشكل اليوم الدولي لعام 2025 منبرا يعبّرون فيه عن تطلعاتهم، ويناشدون من أجل حقوقهم، ويطالبون بسياسات تصون كرامتهم ورفاههم وفقا للأمم المتحدة.
0 تعليق