مع استمرار أسعار الذهب في تحطيم الأرقام القياسية، تجاوزت القيمة السوقية الحقيقية لاحتياطيات الذهب التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية حاجز التريليون دولار لأول مرة في التاريخ. لكن المفارقة المذهلة تكمن في أن هذه الثروة الهائلة لا تزال مسجلة في دفاتر الحكومة الأمريكية الرسمية بقيمة 11 مليار دولار فقط، أي بفجوة تسعير تزيد عن 90 ضعفاً، في شذوذ محاسبي تاريخي يكشف عن تحولات كبرى في النظام المالي العالمي.
فجوة مذهلة عمرها 50 عاماً
يكمن سر هذه الفجوة الهائلة في قانون قديم يعود لعام 1973. ففي ذلك العام، حدد الكونغرس الأمريكي السعر الرسمي للأونصة من الذهب عند 42.22 دولاراً لأغراض محاسبية، وهو سعر لم يتم تحديثه أبداً منذ ذلك الحين.
أما اليوم، وفي ظل موجة الصعود القوية، فقد تجاوز سعر الأونصة في السوق المفتوحة حاجز 3824 دولاراً، وهو السعر الذي رفع القيمة الحقيقية لأكبر مخزون ذهب في العالم (حوالي 8,133 طناً) إلى أكثر من تريليون دولار، بينما بقيت قيمته الدفترية حبيسة قرار يعود إلى نصف قرن.
"عاصفة كاملة" تدفع الذهب إلى القمة
ويأتي هذا الإنجاز التاريخي في وقت يشهد فيه الذهب صعوداً قوياً بلغت نسبته 45% منذ بداية العام. ويعزو المحللون هذا الارتفاع إلى ما يشبه "عاصفة كاملة" من العوامل التي تدفع المستثمرين نحو الملاذ الآمن:
أزمة سياسية في واشنطن: يواجه الرئيس دونالد ترمب شبح "إغلاق حكومي" وشيك قد يبدأ غداً الأربعاء، مما يخلق حالة من عدم اليقين في أكبر اقتصاد في العالم.
توقعات خفض الفائدة: تسعر الأسواق احتمالية بنسبة 89% لقيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض جديد لأسعار الفائدة في أكتوبر، مما يقلل من جاذبية الدولار ويزيد من إقبال المستثمرين على الذهب.
توترات جيوسياسية: لا تزال الصراعات العالمية تشكل دافعاً قوياً للجوء إلى الذهب كمخزن آمن للقيمة.
تقلبات حادة بعد القمة التاريخية
ورغم الاتجاه الصعودي العام، شهدت تداولات اليوم الثلاثاء تقلبات حادة. فبعد أن سجل الذهب قمة تاريخية جديدة عند 3,871.45 دولاراً للأونصة خلال الجلسة الآسيوية، عاد ليتراجع بنحو 0.9% إلى ما يقارب 3,800 دولار، وذلك بفعل عمليات جني أرباح.
وعلى الرغم من هذا التراجع، لا يزال المعدن الأصفر في طريقه لتحقيق أكبر مكاسب شهرية له منذ يوليو 2020، بارتفاع يتجاوز 10% خلال شهر سبتمبر.
0 تعليق