أُجلت زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الأرجنتين بشكل مفاجئ، في قرار وصفه محللون بأنه يشير إلى تراجع سياسي مهم للرئيس خافيير ميلي، الذي يسعى لتخفيف التداعيات السياسية الداخلية قبل أسابيع من الانتخابات التشريعية الحاسمة.
وأكدت مصادر أرجنتينية أن التأجيل جاء بناءً على طلب الرئيس ميلي، وُصِف رسميًا بأنه قرار عام يتعلق بزيارات أي زعيم عالمي.
لكن وسائل الإعلام العبرية أشارت إلى أسباب سياسية صرفة، موضحة أن ميلي يخشى أن استضافة رئيس حكومة الاحتلال "قد تضر بمكانته"، خصوصًا في ظل تراجع شعبيته في الأشهر الأخيرة.
تراجع سياسي محسوب
يُعتبر هذا القرار انقلابًا واضحًا لميلي، الذي جعل التحالف العلني والصريح مع الاحتلال حجر الزاوية في سياسته الخارجية. منذ توليه منصبه، أعلن ميلي نيته نقل سفارة الأرجنتين إلى القدس وأطلق ما يسمى بـ "اتفاقيات إسحاق" لتعزيز العلاقات بين الاحتلال وأمريكا اللاتينية.
لكن شعبيته تعرضت لتراجع، ويواجه حكومته انتخابات تشريعية حاسمة في 26 أكتوبر، حيث تُطرح نصف مقاعد مجلس النواب وثلث مقاعد مجلس الشيوخ. وتأمين أغلبية برلمانية أمر حاسم لتمرير إصلاحاته الاقتصادية الجذرية.
رد فعل قانوني ومجتمعي
زاد من المخاطر الانتخابية تصاعد الضغط القانوني والمجتمعي الموجه ضد زيارة نتنياهو. الأرجنتين، كدولة طرف في ميثاق روما (المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية)، شهدت تحركًا منسقًا من قبل محامين لحقوق الإنسان قبل الزيارة المقررة.
قدم المحامي الأرجنتيني رودولفو يانزون وراجى سوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، شكوى جنائية أمام المحاكم الفيدرالية للمطالبة بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو إذا دخل البلاد.
في الوقت نفسه، أثارت الدعوة لزيارة نتنياهو غضبًا واسعًا في المجتمع المدني الأرجنتيني، حيث نشر أكثر من ألف مثقف وفنان أرجنتيني بيانًا عامًا رفضوا فيه الزيارة ووصّفوا نتنياهو بأنه "مجرم دولي"، مؤكدين رفضهم المطلق لدعوة ميلي، ومتهمين إياه بـ"التواطؤ مع الهمجية" ومعتبرين أن التحالف مع الاحتلال "خيانة لأفضل التقاليد الإنسانية في تاريخنا".
0 تعليق