Published On 27/9/202527/9/2025
|آخر تحديث: 12:24 (توقيت مكة)آخر تحديث: 12:24 (توقيت مكة)
قبل انطلاق الدورة الثمانين للأمم المتحدة، أعلنت كل من بريطانيا، وكندا، وأستراليا، والبرتغال، اعترافها بدولة فلسطين. وأعلنت سبع دول أوروبية أخرى اعترافها بها أثناء انعقاد اجتماعات الأمم المتحدة، وهو ما يقتضي وقفة للنظر فيما وراء هذه الخطوة وما بعدها.
ولتوضيح الموقف من هذا الإعلان، لا بد من التذكير بأن إسرائيل مشروع غربي استعماري لنهب المنطقة ومنع استقلالها ونهضتها.
ولذلك، كان أمن إسرائيل وقوتها ورفاهيتها وحمايتها، ولا يزال، ثابتا من ثوابت السياسة الغربية في المنطقة. وكان كل من يقاوم إسرائيل والاحتلال، ولا يزال، يُصنف إرهابيا، ابتداء من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وصولا إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
فالمقاومة الفلسطينية مصنفة إرهابية لدى الغرب وحلفائه في الإقليم منذ فترة طويلة، ولا علاقة لهذا التصنيف بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول.
حل الدولتين موضوع على جدول أعمال المنطقة منذ أوسلو 1993، ومنذ المبادرة العربية 2002. أما على الأرض، فقد تضاعف الاستيطان أضعافا كثيرة، ولم تحرك دول الغرب ساكنا، وهي ترى إسرائيل وأميركا تؤبنان مسار أوسلو وحل الدولتين في اتفاقات أبراهام وعلى الأرض.
وارتضت أوروبا بدور هامشي ملحق بالموقف الأميركي. فما الجديد إذن الذي حرك المياه الراكدة؟
الجديد هو مشاهد الإبادة الجماعية وجرائم الحرب غير المسبوقة في غزة التي حركت غضب أحرار العالم، ولا سيما أحرار الغرب في الشوارع، على وقع هذه المجازر التي تُبث بالصوت والصورة على مدار الوقت.
الاعتراف بحد ذاته هزيمة دبلوماسية لإسرائيل، رغم أنه مشروط بضمان أمن إسرائيل، وبإصلاح السلطة الفلسطينية وإجراء انتخابات فيها، وبعدم وجود أي دور لحماس، أو المقاومة في غزة.
ومع ذلك، فالاعتراف هزيمة دبلوماسية لإسرائيل؛ لأنه صادر عن حلفاء تقليديين لها، ما يعكس اتساع الفجوة بينها وبين داعميها الأوروبيين.
إعلان
لكن السؤال المهم هو ماذا بعد هذا الاعتراف؟ أسيبقى الاعتراف خطوة منفردة لاستيعاب واحتواء حركة الشارع الأوروبي، أم إنه يمكن أن يتطور في سياق تراكمي لفرض حل في غزة والضفة؟
يكمن الجواب في موازين القوى التي تتحكم في الأحداث، والتي يمكن ترتيبها بحسب أهميتها إلى ثلاث قوى:
أولا: الإدارة الأميركية وإسرائيلفي إسرائيل ثمة إجماع بين السلطة والمعارضة على إدانة هذه الخطوة باعتبارها جائزة للإرهاب، ومعادية لليهود، وتمس بأمن إسرائيل، وأن الرد عليها سيتم تنسيقه مع الإدارة الأميركية.
ومن المحتمل أن يأتي هذا الرد على شكل ضم جزئي في الضفة الغربية، مع تصعيد عسكري. والنتيجة أن إسرائيل والإدارة الأميركية مستمرتان في رفض حل الدولتين، وفي التوسع والاستيطان، وفي حرب الإبادة في غزة.
ثانيا، دول الإقليم والدول العربيةالموقف الإقليمي، وبخاصة العربي، أهم من الموقف الأوروبي. هناك تغييرات إقليمية ودولية واضحة، حيث إن إسرائيل مستمرة في حربها واعتداءاتها على خمس دول عربية بلا توقف، كان آخرها الاعتداء على الدوحة.
تعلن إسرائيل على رؤوس الأشهاد عن المهمات التاريخية والدينية التي تتولى تجسيدها، وتتبجح بالحديث عن "إسرائيل الكبرى"، وتغيير وجه المنطقة.
بعد الاعتداء على الدوحة، بات السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا أنتم فاعلون مع اتفاقات أبراهام؟ وماذا أنتم فاعلون مع التطبيع؟ ومع التعاون الاقتصادي والأمني مع العدو؟
هل يمكن أن تتخذ دول الإقليم خطوات عملية تحول هذه الموجة من الاعتراف بالدولتين إلى كرة ثلج تتدحرج وتولد زخما سياسيا ضد إسرائيل؟ هل يمكن عربيا أن تستغل هذا الاعتراف وتفتح الباب أمام مراجعة أعمق للعلاقات مع إسرائيل وللاتفاقات المقيدة؟
ثالثا، الموقف الغربي، وبخاصة موقف أحرار أوروبا وأميركا في كل المواقعفلكي لا يقتصر الاعتراف على خطوة رمزية، فيما يستمر إمداد إسرائيل بالسلاح، لا بد من الإجابة عن التساؤلات التالية: ما قيمة الاعتراف إن لم تفرض الدول عقوبات تسليحية واقتصادية على إسرائيل؟ ماذا أنتم فاعلون فيما الاستيطان مستمر، ورفض إسرائيل حل الدولتين مستمر، وجرائم الإبادة مستمرة؟ إن أولوية الأحرار هي وقف الإبادة والجرائم المروعة في غزة.
وعلى أي حال، فإن اختبار المواقف العربية والإسلامية والأوروبية يجري على أرض غزة. فما يجري هناك هو محاكمة قائمة في شوارع غزة ومخيماتها وأزقتها المهدمة والمجوعة والمقتولة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
0 تعليق