محلل صيني: عودة السفارة الصينية للعمل في ليبيا تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية واسعة
ليبيا – قال المحلل الصيني إلهام لي إن الصين، وبعد سنوات من الإغلاق نتيجة الأوضاع الأمنية، أعلنت عودة سفارتها للعمل في ليبيا، مؤكدًا أن هذه الخطوة تتجاوز الجانب البروتوكولي وتحمل أبعادًا سياسية واقتصادية مهمة، وذلك في تصريحات خاصة لوكالة “سبوتنيك”.
تقدير جديد للاستقرار ورغبة في استعادة الحضور المباشر
أشار لي إلى أن فتح السفارة لا يعكس فقط تبدلًا في تقدير بكين لمستوى الاستقرار الأمني، بل يشير إلى رغبة واضحة في استعادة الحضور المباشر داخل بلد يعد أحد أهم محاور شمال أفريقيا وركائز مبادرة “الحزام والطريق”.
استعادة للثقة وتفعيل قنوات الاتصال السياسية والتنموية
وأوضح لي أن هذه العودة الدبلوماسية تمثل قبل كل شيء استعادة للثقة بين الجانبين، مبينًا أن الصين باتت تنظر إلى ليبيا باعتبارها شريكًا يمكن البناء عليه في المرحلة المقبلة، ما ينقل العلاقة من مجرد متابعة عن بُعد إلى حضور فعلي ومباشر في الملفات السياسية والتنموية، ويتيح إعادة تفعيل قنوات الاتصال وتوسيع نطاق التفاهم السياسي وفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية.
تمهيد لعودة الشركات الصينية وإعادة تقييم المشاريع
ولفت لي إلى أن هذه الخطوة تمهد أيضًا لعودة الشركات الصينية التي كانت قبل عام 2011 من أكبر المنفذين في قطاعات البنية التحتية والإسكان والطرق والطاقة داخل ليبيا، مؤكدًا أن انسحاب تلك الشركات ترك مشاريع ضخمة معلّقة، وأن عودة السفارة تعني بدء إعادة تقييم العقود السابقة واستكشاف فرص جديدة ضمن عملية إعادة الإعمار، خاصة مع امتلاك الصين خبرة واسعة في تنفيذ المشاريع الكبرى بكلفة تنافسية.
مؤشر على تحسن البيئة الأمنية واستعداد ليبيا لتقديم ضمانات
وبيّن لي أن وجود السفارة على الأرض يوفر إطارًا رسميًا للتنسيق الأمني وحماية الرعايا والمشاريع، وهو ما يعكس تقييم الصين بأن البيئة الأمنية في ليبيا تشهد تحسنًا يسمح بإعادة الوجود الدبلوماسي، ويرسل رسالة بأن ليبيا مستعدة لتقديم ضمانات للشركاء الدوليين الراغبين في المشاركة في إعادة البناء.
أهمية ليبيا في مبادرة الحزام والطريق
وأكد لي أن بكين تنظر إلى ليبيا بوصفها نقطة مركزية في منطقة المتوسط وشمال أفريقيا وموقعًا محوريًا ضمن مبادرة “الحزام والطريق”، مشيرًا إلى أن عودة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية من شأنها تعزيز فرص الدمج بين خطط التنمية الليبية ومتطلبات المبادرة الصينية، سواء عبر تطوير الموانئ أو شبكات النقل أو مشاريع الطاقة المتجددة والاتصالات.
توقعات بمرحلة أكثر نشاطًا في العلاقات الاقتصادية والسياسية
ونوّه لي إلى أن مستقبل العلاقات بين البلدين يتجه نحو مرحلة أكثر نشاطًا على المستويات الاقتصادية والسياسية، متوقعًا عودة تدريجية للشركات الصينية لاستئناف المشاريع المتوقفة، إلى جانب توسع التعاون في ملفات إعادة الإعمار، وزيادة الزيارات الرسمية والتنسيق داخل المنظمات الدولية.
عودة السفارة تحول استراتيجي في العلاقات الثنائية
وختم لي حديثه بأن عودة عمل السفارة الصينية في ليبيا ليست خطوة إدارية بسيطة، بل تحول استراتيجي يعيد العلاقات إلى مسارها الطبيعي ويفتح آفاقًا واسعة للتعاون في الإعمار والطاقة والاستثمار، مشيرًا إلى أنه كلما استمر التحسن الأمني في ليبيا، تقدمت الشراكة الصينية – الليبية نحو دور أكثر تأثيرًا في شمال أفريقيا والمنطقة.

0 تعليق