نيويورك تايمز: جلاد الرقة بقبضة العدالة بعد 12 عاما من التخفي بدعم الموساد - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

بعد 12 عاما من المطاردة، انتهت واحدة من أكثر القضايا إثارة في أوروبا. فقد اعتقل أخيرا العميد السوري خالد الحلبي، بتهم تتعلق بالتعذيب وجرائم حرب ارتكبت في مدينة الرقة السورية بين عامي 2011 و2013.

وحسب تقرير مطول نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، كان الحلبي (62 عاما) عميلا مزدوجا للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) في سوريا، وظل متخفيا في أوروبا لسنوات طويلة بحماية عناصر من الاستخبارات الإسرائيلية والنمساوية، وقد اعتقل أخيرا هذا الشهر.

"الحكومة النمساوية وجهاز المخابرات ساعدا الموساد، وساعدا مجرمي الحرب التابعين له، هذه أبشع درجات الإجرام على الإطلاق"

بواسطة المحامي السوري أسعد الموسى

ولم يكن الحلبي -المعروف بلقب "جلاد الرقة"- وحده في دائرة الاتهام، إذ وُجّهت تهم مماثلة للعقيد مصعب أبو ركبة (53 عاما)، الذي شغل موقعا حساسا في فرع الأمن الجنائي بالرقة. ولم توضح الصحيفة ما إذا كان قد تم احتجازه هو الآخر.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

ونفى المتهمان عبر محاميهما أي علاقة لهما بالتعذيب أو إساءة معاملة المحتجزين. في حين أكدت جهات الادعاء أن التحقيقات أثبتت مسؤوليتهما عن الانتهاكات التي وقعت أثناء قمع الانتفاضة السورية ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

People walk past the rubble of damaged buildings in Raqqa, Syria October 12, 2018. REUTERS/Aboud Hamam
الناشطون في الرقة عانوا من القمع والتعذيب على يد السلطات الأمنية (رويترز)

من الرقة إلى باريس

واستعرض مراسلا الصحيفة كارلوتا غال وسعد النصيف خلاصة ما وجدوه عن القضية بعد أن سافرا إلى فيينا وتحدثا مع مسؤولين، وكذلك مع ضحايا الحلبي.

فقبل فراره من سوريا عام 2013، كان الحلبي -وهو من مدينة السويداء وينتمي إلى الطائفة الدرزية– ضابطا في المخابرات السورية، وتولى في 2008 منصب رئيس فرع أمن الدولة رقم 335 في الرقة.

وبعد أن بدأت المظاهرات بالانتشار في أرجاء البلاد في مارس/آذار 2011، شنت أجهزة الأمن السورية -بما في ذلك الفرع 335- حملات اعتقال واستجواب وتعذيب واسعة.

إعلان

وعندما بدأ الوضع العسكري في الشمال يتغير مع تقدم فصائل المعارضة عام 2013، سارع الحلبي إلى الهروب، وعبر إلى تركيا ثم الأردن، قبل أن يصل إلى باريس حيث اعتُبر آنذاك منشقا يمكنه المساعدة في توثيق جرائم النظام.

الهروب مجددا

ولكن الأدلة التي جمعها محققو "لجنة العدالة والمساءلة الدولية" غيّرت الصورة، إذ بدؤوا يشكون في أن العميد السابق نفسه أشرف على تعذيب السوريين في فرعه الأمني بالرقة، مما جعله يتحول من شاهد إلى متهم رئيسي، حسب الصحيفة.

خالد الحلبي كان مواليا للأسد وعميلا مزدوجا للموساد (الأوروبية)

وبحسب المدعين، اختفى الحلبي فجأة من باريس في 2015. وكشفت التحقيقات لاحقا أنه هُرّب عبر أوروبا بسيارات يقودها ضباط من المخابرات الإسرائيلية "الموساد" ونظراؤهم من المخابرات النمساوية، حتى وصل إلى فيينا.

هناك، حصل على اللجوء بمساعدة مسؤولين في جهاز المخابرات الداخلي النمساوي، وأُسكن في شقة موّلتها الموساد، حسب التقرير.

شبكة حماية سرية

وفي يناير/كانون الثاني 2016، يتابع التقرير، قدم محققو "لجنة العدالة والمساءلة الدولية" ملف الحلبي إلى وزارة العدل النمساوية، وبدأ المسؤولون النمساويون البحث عنه، إلا أنهم شكوا في أن جهاز الاستخبارات النمساوي كان يحميه.

وفي 2023، حوكم 5 مسؤولين نمساويين، بينهم ضباط من جهاز الاستخبارات الداخلي، بتهمة إساءة استخدام مناصبهم لتسهيل لجوء الحلبي عبر اتفاق مع الموساد. وأُفرج عن 4 منهم في حين لم يحضر الخامس المحاكمة، وفق ما نقله المراسلان.

"تخيّل أن ترى الرجل الذي عذّب أصدقاءك، جالسا في قفص الاتهام أمامك؟ إنها لحظة قلبت الموازين"

بواسطة عبد الله الشام، أحد النشطاء من الرقة

خلال المحاكمة في النمسا، كشف الادعاء أن رئيس الجهاز النمساوي نفسه سافر إلى إسرائيل عام 2015 وأبرم اتفاقا يقضي بتأمين إقامة العميد السوري في فيينا، مقابل معلومات استخباراتية عن الوضع في سوريا.

VIENNA, AUSTRIA - APRIL 17: A general view of the Landesgericht fuer Strafsachen Wien courthouse, where four agents of the former Federal Agency For Protection Of The Constitution And Combating Terrorism (BVT) are currently on trial, on April 17, 2023 in Vienna, Austria. The four former BVT agents, as well as an employee of Austria's federal asylum agency (BFA), are accused of having illegally assisted Syrian General Khaled al-Halabi, who is suspected of war crimes, in getting asylum, accommodation and a new identity in Austria at the behest of the Israeli Mossad intelligence agency in an operation called
محكمة في فيينا حيث حوكم عملاء الاستخبارات النمساويون وظهر الحلبي شاهدا (غيتي)

ورغم تبرئة بعض الضباط لعدم كفاية الأدلة، فإن المحاكمة منحت ضحايا الحلبي أول فرصة لرؤيته وجها لوجه، وكانت تلك اللحظة صادمة بالنسبة لهم، إذ تبين لهم أن الجلاد الذي عذّبهم كان حرا بعد كل تلك السنوات.

شهادات تكشف التواطؤ

كشفت الصحيفة أن ضحايا العميد السوري السابق، قرروا التعاون مع منظمات دولية مثل "مبادرة العدالة المفتوحة" لتجميع الأدلة وتقديم شهاداتهم.

وقال عبد الله الشام، أحد النشطاء من الرقة، إن اسم الحلبي كان يثير الرعب بين الناس خلال الثورة. وأضاف: "تخيّل أن ترى الرجل الذي عذّب أصدقاءك، جالسا في قفص الاتهام أمامك؟ إنها لحظة قلبت الموازين".

أما المحامي أسعد الموسى (46 عاما)، فكان قد اعتُقل مرتين في عام 2011 على يد مجموعة الحلبي، وتعرض لاحقا لتعذيب قاس في مقر المخابرات العسكرية عام 2012.

Refugees wait to be transfered to Austria at a temporary camp for refugees, in the Dobova village, Slovenia, 29 October 2015. Slovenia is poised to immediately step up border security and even build a fence if it sees European Union and Balkan nations fail to uphold a vow to better control migration flows, the country's Prime Minister Miro Cerar said on 28 October 2015. Europe is still dealing with its greatest influx of migrants and asylum seekers since World War II as immigrants fleeing war and poverty in the Middle East, Afghanistan and Africa try to reach Germany and other Western European countries.
أسعد الموسى قابل الضابط الذي عذبه مصعب أبو ركبة في مخيم لاجئين ولكن السلطات لم تعتقله (الأوروبية)

وكان الموسى قد أنشأ لجنة من المحامين للدفاع عن المعتقلين في الرقة، ونظم إضرابا شارك فيه أكثر من مئة محام احتجاجا على استخدام العنف ضدهم.

إعلان

وبعد هروبه من سوريا ووصوله إلى أوروبا عام 2015، وجد نفسه وجها لوجه مع جلاده السابق، أبو ركبة، داخل مخيم للاجئين في النمسا. وأمسك به أصدقاؤه حينها ومنعوه من الانقضاض عليه، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى ترحيله من البلاد.

وأبلغ الموسى السلطات بوجود مجرم حرب في المخيم، لكنها لم تحتجزه، بل نقلته فقط إلى سكن آخر، وفق ما نقله المراسلان.

وقال: "الحكومة النمساوية وجهاز المخابرات ساعدا الموساد، وساعدا مجرمي الحرب التابعين له، هذه أبشع درجات الإجرام على الإطلاق".

وخلصت الصحيفة إلى أن قضية الحلبي لا تمثل نهاية الطريق، ولكنها تذكير مؤلم بأن العدالة، حين تتقاطع مع المصالح السياسية والاستخباراتية، تصبح معركة طويلة، لكنها تستحق أن تُخاض حتى النهاية.

0 تعليق