في تطور يعكس عمق الأزمة الداخلية اللبنانية والضغوط الأمريكية المستمرة لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، أفادت مصادر في إعلام عبري، نقلا عن مصدر أمني ، بأن الحكومة اللبنانية تواجه عجزا واضحا في بسط سيادتها الكاملة على أراضيها.
وأكدت هذه المصادر أن الحكومة اللبنانية "لا تستطيع الدخول إلى جزء من الأماكن التي يعمل فيها حزب الله"، مما يعيق بشكل كبير جهود الاستقرار ونزع السلاح.
ويأتي هذا الكشف بالتزامن مع تأكيد ذات المصادر على أن الإدارة الأمريكية "بدأت بممارسة ضغط" مكثف على حكومة بيروت، بهدف "بذل جهد أكبر لنزع سلاح حزب الله"، في محاولة لترسيخ الهدوء الهش على الحدود الجنوبية.
المأزق السيادي: مناطق خارج سيطرة الدولة
كشف المصدر الأمني الإسرائيلي للقناة العبرية عن حقيقة معقدة على الأرض في لبنان. فبموجب التقارير، فإن المشكلة ليست مجرد ضعف في تطبيق القانون، بل تتعلق بعجز سيادي يتمثل في أن "الحكومة اللبنانية لا تدخل إلى جزء من الأماكن التي يعمل فيها حزب الله".
هذه المناطق، التي يعتقد أنها تشمل مخازن أسلحة ومواقع تدريب ومقرات سرية للتنظيم، تعتبر "مناطق نفوذ" محصنة، مما يخلق توازنا دقيقا وهشا بين سلطة الدولة والنفوذ العسكري للحزب.
ويؤدي هذا الواقع إلى إعاقة جهود الحكومة المركزية، برئاسة الرئيس جوزيف عون، لتطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 1701 والبنود الأمنية في اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، خاصة فيما يتعلق بـ "نزع سلاح الميليشيات" جنوب نهر الليطاني.
إن استمرار سيطرة الحزب على هذه "الأماكن التي يعمل فيها حزب الله" يمثل خرقا جوهريا لمبدأ توحيد السلاح تحت يد الدولة، وهو ما يزيد من مخاوف الاحتلال من إعادة بناء القدرات العسكرية للحزب في الفترة التي تلت وقف إطلاق النار.
الضغط الأمريكي: واشنطن تسعى لـ "جهد أكبر"
تدرك الإدارة الأمريكية جيدا هذا التحدي الداخلي في لبنان، وهو ما دفعها لتبني استراتيجية ضغط دبلوماسي مكثف.
وأكد المصدر الأمني "الإدارة الأميركية بدأت بممارسة ضغط على حكومة لبنان لبذل جهد أكبر لنزع سلاح حزب الله".
هذا الضغط يأتي في سياق رغبة واشنطن في إرساء "سلام شامل" في المنطقة، يتطلب تجريد الأطراف غير الحكومية من ترسانتها العسكرية.
وتشمل هذه الضغوط الأمريكية حوافز ومساعدات عسكرية للقوات اللبنانية (كما في تخصيص 230 مليون دولار مؤخرا)، مقابل توقعات بتسريع وتيرة تفكيك الترسانة العسكرية للحزب والانسحاب من المواقع المتنازع عليها.
إن الموقف الأمريكي يضع الحكومة اللبنانية في موقف صعب، حيث تطالبها واشنطن بـ "بذل جهد أكبر" في ملف شديد الانفجار داخليا، يتجاوز قدرة الجيش اللبناني على تنفيذه دون إثارة صراع أهلي واسع النطاق، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.
التداعيات الأمنية على الحدود الجنوبية:
هذه التطورات تأتي في ظل مخاوف تل أبيب المستمرة من عودة التصعيد على الحدود الجنوبية.
فعدم قدرة الحكومة اللبنانية على الدخول إلى "الأماكن التي يعمل فيها حزب الله" يعني ضمنيا استمرار الحزب في الاحتفاظ بقدراته الصاروخية ومخازن أسلحته في المناطق المتاخمة للحدود.
وبالرغم من أن الاتفاق الأخير في نوفمبر 2024 نص على نشر 5,000 جندي لبناني في الجنوب بدعم من اليونيفيل، فإن المصادر ترى أن هذا النشر لا يكفي لفرض السيطرة الكاملة على هذه الجيوب العسكرية التي تخترقها سلطة الدولة.
يشير التقرير إلى أن استمرار وجود مناطق نفوذ خارج سيطرة بيروت يمثل العقبة الرئيسية أمام أي سلام دائم، مما يبقي الضغط الأمريكي مستمرا على الحكومة اللبنانية، التي تجد نفسها محاصرة بين متطلبات السيادة الدولية والواقع المعقد للتوازنات الداخلية.

0 تعليق