في تصعيد لافت يعكس تداعيات المعارك الأخيرة في دارفور، أعلنت ولاية نهر النيل "التعبئة والاستنفار العام"، متعهدة بالوقوف كـ "خط مواجهة" داعم للقوات المسلحة السودانية، وذلك ردا على ما وصفته بـ "انتهاك" مدينة الفاشر على يد "المليشيا المتمردة".
جاء هذا الإعلان على لسان نائب والي نهر النيل ووزير الثقافة والإعلام، الأستاذ مصطفى محمد عثمان الشريف، الذي أكد في خطاب حماسي أن القوات المسلحة والقوات المساندة لها "قادرة على قلب الطاولة على المعتدين ودحر المليشيا المتمردة وداعميها".
الفاشر.. "الانتهاك" الذي أشعل التعبئة
لم يأت إعلان التعبئة العامة في ولاية نهر النيل، التي تعد معقلا استراتيجيا في شمال السودان، من فراغ. فخطاب نائب الوالي، الذي ألقي اليوم (الأربعاء) بعطبرة، ارتبط بشكل مباشر بسقوط وتطورات مدينة الفاشر.
ووفقا لوكالة السودان للأنباء (سونا)، فإن الاجتماع، الذي خصص لتدشين "معسكرات الكرامة الخامسة" للمقاومة الشعبية، كان بمثابة إعلان رسمي من حكومة الولاية، بقيادة الوالي الدكتور محمد البدوي أبوقرون، "للتعبئة والاستنفار العام تضامنا مع فاشر الصمود التي انتهكتها المليشيا المتمردة".
هذا الربط المباشر يحول سقوط الفاشر، عاصمة شمال دارفور وآخر معاقل الجيش في الإقليم، من مجرد خسارة عسكرية إلى "قضية وطنية" وجرح كرامة يستدعي ردا شاملا.
وأكد الشريف أن ولاية نهر النيل لن تقف موقف المتفرج، مشيرا إلى أن الولاية "قدمت أرتالا من الشهداء صونا لوحدة البلاد وكرامة الأمة السودانية ونسيجها الاجتماعي المتماسك".
نهر النيل كـ "خط مواجهة" استراتيجي
في رسالة تهدف إلى رفع الروح المعنوية، شدد نائب الوالي على أن ولاية نهر النيل ستظل "في خط المواجهة سندا وعضدا للقوات المسلحة". هذا التوصيف يحمل دلالات استراتيجية هامة، إذ يحول ولاية نهر النيل، الآمنة نسبيا والبعيدة عن مركز الصراع المباشر، إلى قاعدة دعم لوجستي وبشري أساسية للمجهود الحربي.
وتعهد الشريف بأن يستمر هذا الدعم "حتى تحرير كل أرجاء الوطن من دنس التمرد والارتزاق"، مؤكدا على استمرار دعم حكومة الولاية بكل محلياتها لبرامج "التعبئة والاستنفار والتدريب المتقدم".
"المقاومة الشعبية" وحرب "تحصين المواطن"
كان لافتا أن الخطاب وجه بشكل أساسي لاجتماع "المقاومة الشعبية"، وهو ما يعكس اعتمادا متزايدا من قبل القوات المسلحة على هذه القوات المساندة.
أشاد الشريف بـ "الأدوار الوطنية للمقاومة الشعبية والمستنفرين في تلبية نداء الوطن"، داعيا إياهم إلى دور مزدوج: عسكري وأمني.
وإلى جانب التدريب المتقدم في "معسكرات الكرامة"، طالب نائب الوالي بالعمل على "رفع الحس الأمني للمواطن، وتحصينه من الشائعات".
وسلط الشريف الضوء على "الحرب الإعلامية" المصاحبة للمعركة العسكرية، متهما "المليشيا" باستخدام "آلة إعلامية تمارس عبرها التضليل وبث الأكاذيب".
وأوضح أن الهدف من هذه الحرب النفسية هو "استهداف الالتفاف الكبير والملاحم البطولية التي جسدها الشعب السوداني في الوقوف خلف قواته المسلحة".
"المال والرجال".. والاقتصاص لـ "فاشر الصمود"
لم تقتصر التعهدات على الجانب الحكومي. فوفقا لـ (سونا)، أكد المتحدثون في اللقاء من قادة المقاومة الشعبية، وبشكل لافت "ممثلي الغرفة التجارية"، دعمهم الكامل "بالمال والرجال" حتى تحقيق النصر النهائي.
ويشير انخراط الغرفة التجارية إلى اصطفاف القطاع الاقتصادي والتجاري في الولاية خلف المجهود الحربي، وهو ما يوفر شريانا ماليا حيويا لدعم "معسكرات الكرامة" وتجهيز "المستنفرين".
واختتم اللقاء بنبرة عالية، حيث أكد المتحدثون عزمهم "الاقتصاص لكل شهداء الوطن وردع كل يد غادرة امتدت بالسوء لأهل السودان"، في إشارة واضحة إلى أن الرد على أحداث الفاشر لن يكون دفاعيا فحسب، بل هجوميا بهدف "الثأر" واستعادة المناطق.
وترحم الشريف في ختام كلمته على "شهداء معركة الكرامة وفاشر الصمود من العسكريين والمدنيين"، مشيرا إلى أن هذه المعركة "سيخلدها التاريخ وهي تمثل نقطة هامة في صون كرامة السودان ووحدته".

0 تعليق