في تصريح يحمل تحذيرا بالغ الأهمية، حذر رئيس الوزراء الفلسطيني، الدكتور محمد مصطفى، الأربعاء، من المخاطر الكبرى المتمثلة في "انزلاق غزة نحو الفوضى".
ولم يقتصر تحذيره على الفوضى الأمنية فحسب، بل شمل التداعيات المباشرة لذلك، والمتمثلة في "تعطيل خطط الإغاثة والتعافي والإعمار" التي ينتظرها أهالي القطاع.
وخلال حديثه، أبدى الدكتور مصطفى تخوفه العميق من عامل الزمن، مشيرا إلى "تراجع الزخم والاهتمام الدولي" بالقضية الفلسطينية.
وربط رئيس الوزراء هذا التراجع بشكل مباشر بتأخر الموقف الفلسطيني الموحد، مؤكدا أن هذا الزخم يتضاءل "مع كل يوم يتأخر فيه الإجماع الفلسطيني على توحيد مؤسسات الدولة".
وشدد على أن هذا التأخير في "توحيد المؤسسات" هو ما يعيق "تمكين دولة فلسطين" من "القيام بواجبها" الكامل والأخلاقي "تجاه أهلنا في القطاع" الذين يواجهون ظروفا إنسانية بالغة التعقيد.
لا فوضى ولا "حالة إغاثية"
جاءت هذه التصريحات القوية والمباشرة في "افتتاحية جلسة الحكومة الأسبوعية"، حيث وضع رئيس الوزراء النقاط على الحروف فيما يتعلق بالمرحلة المقبلة.
وذكر مصطفى بأن "الشعب الفلسطيني دفع ثمنا باهظا على مدار عامين من القتل والتهجير".
وشدد رئيس الوزراء بقوة على أن "هذا الثمن لا يجوز أن ينتهي" إلى نتائج كارثية تقوض التضحيات. وأوضح أن هذا الثمن الباهظ "لا يجوز أن ينتهي إلى فوضى"، أو أن يفضي إلى "ترتيبات تكرس الأمر الواقع" الذي يحاول الاحتلال فرضه.
كما حذر الدكتور مصطفى من خطر اختزال القضية الفلسطينية برمتها، مؤكدا أن هذه التضحيات يجب ألا تؤدي في النهاية إلى "تحويل قضيتنا إلى حالة إغاثية فقط"، تفقدها عمقها السياسي والوطني.
موقف وطني لتمكين الحكومة
وبدلا من الفوضى، أكد مصطفى أن "المطلوب في هذا الوقت الحرج موقف وطني واضح وصادق". وأوضح أن هذا الموقف يجب أن يكون موحدا "ومضادا لقرارات الاحتلال الإسرائيلي"، التي تسعى لتقسيم الأرض وإضعاف السلطة.
وفي هذا السياق، "طالب رئيس الوزراء بضرورة تمكين الحكومة" التي يرأسها "من القيام بدورها الكامل على الأرض في غزة". وأوضح أن هذا التمكين هو السبيل الوحيد "لتنفيذ خططها للإغاثة والتعافي والإعمار وإعادة الاستقرار".
ولفت مصطفى إلى أن هذه الخطط الحكومية لا تنبع من فراغ، بل "تحظى بتأييد المجتمع الدولي"، وفي الوقت ذاته تحظى بتأييد "أهلنا في القطاع على حد سواء"، مما يمنحها شرعية مزدوجة (دولية وشعبية) لتنفيذ مهامها.
مطالبات بوقف إجراءات الاحتلال
"وعلى الصعيد الدولي"، لم يكتف مصطفى بتوجيه الرسائل للداخل الفلسطيني، بل "طالب المجتمع الدولي" بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية و"إلزام إسرائيل بوقف اعتداءاتها"، سواء المستمرة "في قطاع غزة أو الضفة الغربية بما فيها القدس".
"وأكد" رئيس الوزراء أن الإجراءات الإسرائيلية الأحادية "مستمرة في تقويض عمل مؤسسات الدولة على كافة الأصعدة". وفصل هذه الإجراءات التقويضية، مشيرا إلى أنها تشمل "استمرار احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية بشكل كامل"، مما يخنق الحكومة ماليا.
وأضاف أن هذا التقويض يتمثل أيضا في "رفض سلطات الاحتلال الصريح لاستعادة دورنا في القطاع وتوحيد شطري الوطن"، بالإضافة إلى "منع وتعطيل خطوات تجسيد الدولة الفلسطينية" على الأرض، في انتهاك صارخ لقرارات الشرعية الدولية.
قرارات مجلس الوزراء
"وعلى صعيد آخر"، وبعيدا عن الملف السياسي المباشر، اتخذ مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية عدة قرارات هامة لخدمة المواطنين ودعم المؤسسات:
دعم الأسر النازحة: صادق مجلس الوزراء على "مذكرة تفاهم" هامة بين "وزارة التنمية الاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)"، "بقيمة 3 ملايين دولار".
وتهدف هذه المذكرة بشكل محدد إلى "توفير منح لمشاريع تنمية اقتصادية"، وهي موجهة "خصوصا للأسر النازحة في شمال الضفة الغربية".
وتشمل هذه المشاريع قطاعات حيوية مثل "الزراعة والتكنولوجيا والإنتاج المنزلي".
"بحيث يتراوح دعم المشاريع ما بين 5-10 آلاف دولار"، وذلك "وفق معايير وضوابط محددة". وسيتم "ترتيبها والإعلان عنها عبر عدد من الجمعيات والمؤسسات الأهلية"، وبالتنسيق المباشر "مع مديريات التنمية الاجتماعية في مختلف المحافظات".
موسم الحج 2026:
وفي ملف آخر، "بحث المجلس" بشكل استباقي "تحضيرات عقد موسم الحج للعام 2026". "بما يتضمنه ذلك من ترتيبات التسجيل الإلكتروني" للراغبين في أداء الفريضة، ووضع "معايير القرعة الإلكترونية" لضمان الشفافية.
كما شملت التحضيرات مناقشة "ترتيبات عمل اللجان الحكومية" المكلفة بـ "استئجار حافلات النقل وتأمين السكن الملائم" للحجاج، و"مختلف التحضيرات الأخرى" اللازمة "لضمان راحة الحجاج ونجاح موسم الحج" القادم.
الأمن السيبراني: "وفي إطار تنفيذ مبادرة الحكومة للتحول الرقمي"، وما يتضمنه ذلك من "إقرار سلسلة تشريعات ضرورية بالخصوص"، اتخذ المجلس خطوة هامة.
"نسب مجلس الوزراء لرئيس دولة فلسطين محمود عباس، نسخة محدثة من مشروع قانون الهيئة الوطنية للأمن السيبراني".
ويأتي هذا القانون بهدف استراتيجي هو "بناء منظومة فعالة للأمن السيبراني على المستوى الوطني".
ويهدف القانون أيضا إلى "حماية الأصول والبنية التحتية المعلوماتية الوطنية"، وفي الوقت نفسه "تحفيز الابتكار والاستثمار في مجال الأمن السيبراني" المتنامي.

0 تعليق