السودان.. استعدادات مكثفة لاستقبال جرحى ونازحي الفاشر إثر مجازر الدعم السريع - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ركز اجتماع الوفد الاتحادي مع صحة الولاية على عدة محاور حاسمة لضمان عدم انهيار القطاع الصحي تحت ضغط الأعداد الهائلة المتوقعة

في استجابة إنسانية عاجلة للتطورات الميدانية الكارثية في إقليم دارفور، أعلنت ولاية نهر النيل حالة الاستنفار القصوى في قطاعها الصحي، استعدادا لاستقبال موجات متوقعة من الجرحى والنازحين الفارين من مدينة الفاشر.

يأتي هذا التحرك في أعقاب تقارير عن "مجازر" ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بحق المدنيين في عاصمة شمال دارفور، مما ينذر بكارثة إنسانية جديدة وتهجير قسري واسع النطاق.

وفي هذا السياق، وقف وفد رفيع المستوى من وزارة الصحة الإتحادية، برئاسة الدكتور محي الدين حسن، مدير الوكالة القومية للرعاية الطارئة والإسعاف، اليوم (الأربعاء) في مدينة عطبرة، على جاهزية وزارة الصحة بولاية نهر النيل للتعامل مع هذا التدفق البشري الطارئ.

تقييم الجاهزية: خط الدفاع الطبي الأول

لم يعد سقوط الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، مجرد حدث عسكري، بل تحول إلى أزمة إنسانية عابرة للولايات. وتعتبر ولاية نهر النيل، وعاصمتها الدامر ومركزها الاقتصادي عطبرة، الوجهة الجغرافية الآمنة الأقرب للفارين شرقا من أهوال الحرب في دارفور.

ووفقا لوكالة الأنباء السودانية (سونا)، ركز اجتماع الوفد الاتحادي مع صحة الولاية على عدة محاور حاسمة لضمان عدم انهيار القطاع الصحي تحت ضغط الأعداد الهائلة المتوقعة:

تقييم الطوارئ والإسعاف: تم الوقوف ميدانيا على جاهزية أقسام الإسعاف والطوارئ في مستشفيات الولاية، وآليات توزيع سيارات الإسعاف على المرافق الصحية لضمان سرعة الاستجابة.

تأمين الإمداد الدوائي: ناقش الاجتماع آليات توفير "الإمداد الدوائي والإسعافي الطارئ"، حيث يتوقع أن يكون النازحون في حالة صحية حرجة، وأن الجرحى سيحتاجون إلى تدخلات جراحية ومستلزمات طبية نوعية.

توفير معينات الطوارئ: بحث الجانبان سبل توفير معينات الطوارئ اللازمة وجاهزية المستشفيات لاستقبال أعداد تفوق طاقتها الاستيعابية الحالية.

مواءمة الخطط وتحدي "الخارطة الصحية"

أشاد الدكتور محي الدين حسن بالمستوى المتقدم لتقديم الخدمات الصحية الذي لمسه في مستشفيات ومراكز ولاية نهر النيل، مؤكدا على ضرورة "مواءمة الخطط والبرامج بين وزارة الصحة الإتحادية ووزارة الصحة بنهر النيل" لضمان استجابة موحدة وفعالة.

ورغم هذه الإشادة، أشار التقرير إلى تحد لوجستي رئيسي يتمثل في "مسألة توزيع الخارطة الصحية".

ويعكس هذا التحدي واقعا جديدا؛ فالخارطة الصحية الحالية للولاية مصممة لخدمة سكانها المستقرين، والمرافق تتركز في المدن الرئيسية كعطبرة والدامر.

لكن مع وصول النازحين، ستنشأ تجمعات سكانية جديدة (مراكز إيواء أو مخيمات) في مناطق قد تكون نائية أو طرفية، مما يستدعي إعادة توزيع جذرية للموارد، وإنشاء نقاط طبية ميدانية، وتسيير قوافل علاجية متحركة للوصول إلى هذه التجمعات.

الشراكة المجتمعية: الركيزة الأساسية للنجاح

سلط الوفد الاتحادي الضوء على نقطة قوة فريدة في ولاية نهر النيل، وهي "الشراكة الفاعلة ما بين الصحة والمجتمع". وكشف الدكتور محي الدين عن اطلاعه على برامج تدريب لأكثر من 500 كادر مجتمعي، بالإضافة إلى شراكات مع مؤسسات حكومية أخرى، أهمها "إدارة شرطة المرور".

في أوقات الأزمات والنزوح الجماعي، يعد هذا التكامل المجتمعي هو صمام الأمان الحقيقي. فالكوادر المجتمعية المدربة ستكون خط الدفاع الأول في مراكز الإيواء، قادرة على تقديم الإسعافات الأولية، وفرز الحالات، والمساعدة في الرصد الوبائي.

كما أن الشراكة مع شرطة المرور تعد حيوية لضمان فتح ممرات آمنة لسيارات الإسعاف، وتنظيم حركة نزوح المدنيين، وتسهيل وصول الإمدادات الطبية إلى المستشفيات دون عوائق.

الدعم الاتحادي.. ضرورة ملحة

أكد مدير الوكالة القومية للرعاية الطارئة دعمه الكامل لولاية نهر النيل، مجددا المضي قدما في تنفيذ الخطط المتفق عليها.

وشدد الدكتور محي الدين على أهمية "دعم تشغيل المراكز والمستشفيات" القائمة حاليا، مع "الاهتمام بتطوير خدمات الرعاية الطارئة" في الولاية، خاصة مع الإشادة بالتوسع الملحوظ الذي شهدته مستشفيات عطبرة والدامر في هذا المجال.

إن تحرك وزارة الصحة الإتحادية لتقييم ودعم ولاية نهر النيل لا يعد مجرد إجراء روتيني، بل هو اعتراف بأن هذه الولاية الآمنة نسبيا قد تحولت إلى "خط مواجهة إنساني" أول، وأن نجاحها في استيعاب الصدمة الإنسانية القادمة من الفاشر هو رهان أساسي لمنع تفاقم الكارثة السودانية.

0 تعليق