واصلت أسعار الذهب تراجعها لليوم الثاني على التوالي خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، مقتربة من أدنى مستوياتها المسجلة في نحو ثلاثة أسابيع.
ويأتي هذا الهبوط مدفوعا بشكل أساسي بتحسن معنويات المخاطرة في الأسواق العالمية، على خلفية تزايد التفاؤل بإمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري وشيك بين الولايات المتحدة والصين، مما قلل من جاذبية المعدن النفيس كملاذ آمن مفضل في أوقات عدم اليقين.
وفي الوقت نفسه، يتبنى المستثمرون موقفا حذرا، مترقبين نتائج اجتماعات السياسة النقدية الهامة لعدد من البنوك المركزية الكبرى هذا الأسبوع، وعلى رأسها مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي.
تفاصيل حركة الأسعار
انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.2% ليصل إلى 3974.66 دولارا للأوقية بحلول الساعة 05:25 بتوقيت غرينتش، بعد أن كان قد لامس في وقت سابق من الجلسة أدنى مستوى له منذ العاشر من أكتوبر الجاري.
كما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم شهر ديسمبر بنسبة 0.8%، مسجلة 3989.10 دولارا للأوقية. ويمثل هذا استمرارا لموجة جني الأرباح التي بدأت بعد تسجيل الذهب لقمة تاريخية جديدة فوق 4380 دولارا في الأسبوع الماضي.
"ذوبان الجليد" التجاري يضغط على الذهب
يعتبر التقدم المحرز في المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين المحرك الرئيسي وراء تراجع الذهب حاليا. فقد وضع مسؤولون من كلا البلدين يوم الأحد إطار عمل لاتفاق تجاري، ينتظر أن يتخذ الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ قرارا بشأنه في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وقد أدت هذه الأنباء الإيجابية إلى تحسين شهية المستثمرين للمخاطرة، ودفعت رؤوس الأموال بعيدا عن الأصول الآمنة مثل الذهب، وتوجيهها نحو الأصول ذات العائد الأعلى مثل الأسهم.
وعلق تيم ووترر، كبير محللي السوق لدى (كيه.سي.إم تريد)، على هذا التطور قائلا: "أدى ذوبان الجليد في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى سحب البساط من أسعار الذهب".
فبعد أن كانت التوترات التجارية أحد أهم محركات صعود الذهب خلال الأشهر الماضية، أدى احتمال التوصل لاتفاق إلى تلاشي جزء كبير من علاوة المخاطر الجيوسياسية التي كانت تدعم المعدن الأصفر.
ترقب لاجتماعات البنوك المركزية
تتجه أنظار المستثمرين أيضا هذا الأسبوع نحو اجتماعات السياسة النقدية لعدد من البنوك المركزية الهامة. ويأتي في مقدمتها اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)، الذي يختتم أعماله يوم غد الأربعاء.
وتشير التوقعات على نطاق واسع إلى أن الفيدرالي سيقوم بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام بمقدار ربع نقطة مئوية.
ورغم أن خفض الفائدة يعتبر عادة عاملا إيجابيا للذهب (كونه يقلل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الذي لا يدر عائدا)، إلا أن الأسواق قد قامت بتسعير هذا الخفض بالفعل إلى حد كبير.
لذلك، سينصب التركيز الأساسي على المؤتمر الصحفي لرئيس المجلس جيروم باول وأي تلميحات قد يقدمها بشأن المسار المستقبلي للسياسة النقدية، وما إذا كان البنك سيستمر في دورة التيسير أم سيتجه نحو التوقف.
في المقابل، من المتوقع أن يبقي كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعاتهما المقررة هذا الأسبوع.
السياق العام والأداء السنوي القوي
يأتي هذا التراجع الحالي في أسعار الذهب بعد فترة من الأداء الاستثنائي. فقد ارتفع المعدن النفيس بنحو 53% منذ بداية العام حتى الآن، وسجل أعلى مستوياته على الإطلاق عند 4381.21 دولارا للأوقية في العشرين من أكتوبر الجاري.
وكان هذا الصعود التاريخي مدعوما بمزيج من العوامل شملت حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي العالمي، والرهانات القوية على خفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى، واستمرار عمليات الشراء القوية للذهب من قبل البنوك المركزية حول العالم بهدف تنويع احتياطياتها.
المعادن النفيسة الأخرى
لم يقتصر التراجع على الذهب، بل شمل المعادن النفيسة الأخرى أيضا. فقد نزلت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.5% لتصل إلى 46.68 دولارا للأوقية.
كما تراجع البلاتين بنسبة 1% مسجلا 1574.25 دولارا. وفي المقابل، واصل البلاديوم أداءه القوي نسبيا مرتفعا بنسبة 1.1% إلى 1417.30 دولارا، مدعوما بعوامل خاصة تتعلق بالطلب الصناعي عليه في قطاع السيارات.

0 تعليق