تحليل: لماذا يصعد الذهب والأسهم معاً على غير العادة؟ فيض السيولة هو السبب - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
التفسير السائد لهذا الازدواج يكمن في عامل أعمق بكثير من مجرد "التحوط ضد المخاطر"

ظاهرة غير مألوفة: يشهد الذهب والأسهم ارتفاعا متزامنا قويا، وهو ما يتعارض مع العلاقة العكسية التقليدية بينهما.

التفسير الرئيسي: يرجع تقرير لـ "فايننشال تايمز" هذا الصعود المتوازي إلى "فيض السيولة العالمي" الناتج عن تريليونات الدولارات التي ضختها الحكومات والبنوك المركزية.

محرك خفي: هذه السيولة الزائدة لا تزال تتدفق في النظام المالي، وتدفع أسعار جميع الأصول للارتفاع بشكل مصطنع، من الأسهم إلى الذهب.

دور صناديق ETFs: تحول مركز الثقل في الطلب على الذهب من البنوك المركزية إلى الصناديق المتداولة (ETFs)، التي ارتفعت حصتها 9 أضعاف هذا العام لتصل لنحو 20% من إجمالي الطلب.

تحذير من فقاعة: يرى محللون أن هذا الازدهار المزدوج ليس علامة صحية، بل مؤشر على وفرة نقدية خطيرة قد تؤدي لانهيار متزامن لكلا الأصلين إذا تغيرت الظروف النقدية.

في مشهد مالي غير مألوف يذكر بفترات اقتصادية متناقضة مثل عام 1979 (التضخم الجامح) وعام 1999 (فقاعة الإنترنت)، يعيش الذهب وأسواق الأسهم موجة ازدهار متزامنة.

هذا الصعود المزدوج يتحدى القواعد الاقتصادية التقليدية التي غالبا ما تضع الذهب (الملاذ الآمن) في مواجهة الأسهم (الأصول الخطرة).

ويكشف تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" أن التفسير السائد لهذا الازدواج يكمن في عامل أعمق بكثير من مجرد "التحوط ضد المخاطر".

فيض السيولة هو المحرك الخفي يرجع روتشير شارما، رئيس "روكفلر إنترناشونال"، هذا الصعود المتوازي إلى فيض السيولة العالمي غير المسبوق الناتج عن تريليونات الدولارات التي ضختها الحكومات والبنوك المركزية خلال جائحة كورونا وبعدها.

ويرى شارما أن هذه الأموال "ما زالت تتدفق في النظام المالي" وتبقي الأسواق في حالة زخم مصطنع، مما يدفع أسعار جميع فئات الأصول للارتفاع، بما في ذلك الذهب والأسهم.

وتدعم الأرقام هذه الفرضية، حيث بلغ حجم الأموال التي يحتفظ بها الأمريكيون في صناديق أسواق النقد 7.5 تريليونات دولار، بزيادة 1.5 تريليون دولار عن المعدل التاريخي.

كما أن معدلات الفائدة الإسمية لا تزال أدنى من نمو الناتج المحلي الإسمي، مما يشير إلى أن السياسة النقدية لا تزال "فضفاضة" رغم التصريحات المتشددة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

عجز حكومي ضخم وثقة مفرطة تغذي المخاطرة يضيف التقرير أن العجز المالي الضخم في الولايات المتحدة يخلق فائضا مقابلا في القطاع الخاص، مما يوفر المزيد من السيولة للأسواق.

والأخطر من ذلك، هو تنامي ثقة مفرطة لدى المستثمرين في قدرة الحكومات والبنوك المركزية على التدخل لإنقاذ الأسواق عند أول بادرة أزمة، مما يعزز شهيتهم للمخاطرة ويدفعهم لضخ المزيد من الأموال في مختلف الأصول.

وقد ساهم تطور تطبيقات التداول المجانية وانتشار أدوات استثمارية عالية المخاطرة في تضخيم هذا الاتجاه. هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تحول العلاقة بين الذهب والأسهم من انعدام ارتباط تاريخي إلى صعود متزامن غير مسبوق.

صناديق الذهب المتداولة تتصدر المشهد يشير شارما إلى تحول هام في ديناميكيات الطلب على الذهب نفسه، حيث انتقل "مركز الثقل" من البنوك المركزية إلى الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs).

فقد ارتفعت حصة هذه الصناديق من إجمالي الطلب العالمي على الذهب 9 أضعاف هذا العام لتصل إلى نحو 20%، مسجلة أعلى تدفقات فصلية في تاريخها خلال الربع الثالث من 2025.

هذا يعني أن جزءا كبيرا من السيولة الزائدة يجد طريقه إلى الذهب عبر هذه الأدوات الاستثمارية السهلة الوصول.

ويرى الكاتب أن التفسيرات التقليدية لصعود الذهب، مثل "الخوف من تدهور الدولار"، لم تعد كافية لتبرير أفضل أداء للمعدن الأصفر منذ 1979، خاصة وأن الدولار ظل مستقرا نسبيا في الأشهر الأخيرة بينما واصل الذهب ارتفاعه "البارابولي" (الشبيه بالقطع المكافئ).


تحذير من فقاعة الثراء السهل يلفت التقرير الانتباه إلى مفارقات أخرى في السوق، مثل عدم ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل بشكل يعكس مخاوف تضخمية حقيقية، وارتفاع سلع أخرى مثل الفضة والبلاتين جنبا إلى جنب مع أصول عالية المخاطر مثل الأسهم التكنولوجية الخاسرة.

ويحذر شارما من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يكون "غافلا عن تضخم أسعار الأصول". وأي تسارع جديد في تضخم أسعار المستهلكين قد يدفع البنك المركزي إلى تشديد مفاجئ للسياسة النقدية، مما قد ينهي هذه "الحفلة المزدوجة" بانهيار متزامن لكل من الذهب وأسهم الذكاء الاصطناعي.

ويخلص التقرير إلى أن الازدهار المتزامن للذهب والأسهم ليس دليلا على توازن الأسواق، بل هو علامة مقلقة على "وفرة نقدية خطيرة" خلقت وهما بالحصانة من المخاطر.

وقد تكون هذه السيولة الزائدة هي الشرارة التي تفجر "فقاعة الثراء السهل" في أي لحظة.

0 تعليق