Published On 28/10/202528/10/2025
|آخر تحديث: 08:00 (توقيت مكة)آخر تحديث: 08:00 (توقيت مكة)
رام الله- بحذر، يستشرف خبراء فلسطينيون وضع الضفة الغربية في اليوم التالي لحرب الإبادة على قطاع غزة حيث دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منذ العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فملفات بارزة كمشاريع الضم والاستيطان وتهويد القدس ما زالت مفتوحة، وفي المقابل وضع اقتصادي مترد للسلطة الفلسطينية في ظل بطالة بلغت 28.6% وأنصاف رواتب لموظفي القطاع العام.
في الأمد المنظور، وحتى نهاية ولاية الحكومة الإسرائيلية الحالية خلال عام، يتوقع هؤلاء -في أحاديث منفصلة للجزيرة نت- مزيدا من الإجراءات باتجاه ضم الضفة وتعزيز الاستيطان، وتحسنا طفيفا -لكنه غير كاف- في الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية.
الضم والاستيطان
يقول المحلل السياسي سامر عنبتاوي إن من أهداف الحكومة الإسرائيلية الحالية منذ تشكلها الاستيلاء على الضفة الغربية وضمها، وبعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وبدء العدوان على غزة تحولت الأنظار عن الضفة، لكن عمليات الاستيطان والسيطرة وضم الأراضي لم تتوقف.
ويضيف أنه بعد توقف الحرب، سيفي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوعوده للمتطرفين في حكومته وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش بزيادة حجم الاستيطان والسيطرة على الضفة، لذلك فإن مشروع الضم والسيطرة مستمر، حتى قبل إقراره من قبل الكنيست بالقراءة التمهيدية في 25 أكتوبر/تشرين الأول.
ومن هنا يرجح أن تبدأ عمليات الضم بمحيط المستوطنات ومناطق الأغوار، والشوارع الخارجية، مع استمرار عدوان المستوطنين وجيش الاحتلال والحرب على مدن وقرى ومخيمات الضفة.
وعن مستقبل المنطقة "ج"، التي تشكل نحو 61% من مساحة الضفة وتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة وفق اتفاقية أوسلو، فقال إن كل أراضي الضفة وليست المنطقة "ج" فقط أصبحت مستباحة بشكل يومي.
إعلان
وفي إشارة لتصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرافض للضم، قال "هذا الأمر لا يكفي لأنه على الأرض هناك ضم فعلي، وإذا كان التوجه الأميركي حقيقي فيجب أن يلجم الاحتلال بشكل كامل".
عقب الموافقة بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون "ضم الضفة الغربية".. هل يكتمل فرض السيطرة الفعلي من بوابة القانون؟ ⏬#الجزيرة pic.twitter.com/CkekoW9IJR
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) October 25, 2025
مستقبل السلطة والقدس
عن دور السلطة الفلسطينية، قال عنبتاوي إن اليمين الإسرائيلي المتطرف لا يرى أي سلطة فلسطينية ولا يقبل بها مهما كانت، ولا يريد أي حكومة مركزية أو سلطة رمزية للشعب الفلسطيني -حتى لو كانت تتجه نحو السلام- لسببين:
فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية. برنامج ضم 61% من الضفة وتحويل باقي المناطق إلى كانتونات. ويرى وجوب العودة إلى الوحدة الوطنية في كل المجالات "لأنه لم يعد هناك ما يُختلَف عليه في ظل احتلال لا يستثني أحدا ويستهدف الجميع".ورجح المحلل الفلسطيني استمرار الضغط على المقدسيين لتقليص وجودهم داخل المدينة من خلال الضرائب وتصعيب الحياة وغيرها، مع إحداث تغييرات ديمغرافية وجغرافية والمضي في مشروع القدس الكبرى وضم مستوطنة معاليه أدوميم للمدينة والبناء في منطقة إي 1، الذي يفصل جنوب الضفة والقدس عن باقي الضفة.
وبرأي عنبتاوي فإن الاحتلال تجاوز التقسيم الزماني للمسجد الأقصى إلى التقسيم المكاني، مع استمرار اقتحامات المتطرفين وتقييد وجود المسلمين في ظل حفريات مستمرة أسفله ومحاولات السيطرة عليه.
الاقتصاد
عن رأيه في إمكانية تحسن مجمل الملفات الاقتصادية، لا يبدي الدكتور شادي حمد، الخبير الاقتصادي ومدير الأكاديمية المهنية للعلوم المالية والإدارية ومقرها مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، تفاؤلا كبيرا، ورجح أن تراوح أغلب الملفات مكانها أو تسجل تحسنا طفيفا، على الأقل في السنة المتبقية للحكومة الإسرائيلية الحالية، وفيما يلي ملخص رأيه في أبرز الملفات:
المقاصة (عائدات محتجزة): قد تستأنف إسرائيل تحويلها لكن غير كاملة، بل بشكل مجزوء، خاصة أن جزءا منها احتجز كوسيلة ضغط على السلطة ويعادل ما تصرفه على قطاع غزة من رواتب، أما وقد انتهت الحرب فقد تجد المقاصة طريقها لحل جزئي لوجود اقتطاعات بذرائع أخرى. رواتب الموظفين العموميين: المشكلة جديدة قديمة ومستمرة منذ 2019، ولا علاقة لها بالحرب، قد تتحسن، لكن السلطة أصلا مدينة بمبالغ كبيرة للبنوك، فالمشكلة أكبر من الرواتب حيث هناك التزامات متعددة على السلطة، ولو انتظمت الرواتب فإن للموظفين مستحقات متراكمة تعادل رواتب 9 شهور على الأقل. البطالة: قد تخف حدة الحواجز العسكرية الإسرائيلية وبالتالي تخف أزمة البطالة، لكن لا حل لها بشكل جذري في الأمد المنظور. عمال إسرائيل: من غير الواضح إن كانوا سيعودون إلى أعمالهم داخل إسرائيل، وإن عادوا فلن تكون العودة كما في السابق ولن يفتح العمل على مصراعيه. المساعدات الدولية والعربية: التمويل في تصاعد واضح وأفضل من ذي قبل، وقد تستفيد الضفة قليلا من مشاريع إعمار غزة وإن كان بشكل جزئي، وتحديدا من شريحة العاملين في المنظمات غير الحكومية والمشاريع الدولية وهي محدودة.إعلان
يقول حمد إن ما يقدم لدعم موازنة السلطة دوليا وعربيا ما زال محدودا وخجولا وغير ملموس على أرض الواقع، مع أن الجميع يعرفون حقيقة وضع السلطة ماليا، وبالتالي من لم يقدم الدعم في ظل الظرف الحالي وهو الأصعب، فمتى يقدمه؟
الأسرى ورواتبهم
في ملف الأسرى في سجون الإسرائيلية ويتجاوز عددهم 9 آلاف، يقول الخبير في شؤون الأسرى حسن عبد ربه إن أوضاع السجون لا تزال على حالها السيئ ضمن سياسة رسمية ممنهجة من إدارة مصلحة السجون وبتعليمات وأوامر مباشرة من إيتمار بن غفير، وهو ما ينعكس يوميا على أجساد الأسرى ونفسياتهم، في ظل امتهان كرامتهم وتعذيبهم والتنكيل بهم وإهمال علاجهم وإخفائهم قسريا.
ومن هنا لا يرى بوادر تحسن قريب لتلك الظروف "فكلها سياسة لا تزال قائمة وستستمر إلى فترة أشهر، على الأقل حتى نهاية ولاية الحكومة الحالية".
وقال إن عودة أوضاع الأسرى لما كانوا عليه قبل حرب الإبادة، واستعادة حقوقهم التي حصلوا عليها بسنوات نضال طويلة ومنها البناء التنظيمي ومتجر السجن وزيارات العائلات والصليب الأحمر، يتطلب نضالا جديدا ونفسا طويلا.
ورجح عبد ربه استمرار حملات الاعتقال في الضفة، خاصة مع تسميتها بـ "يهودا والسامرة"، بالتوازي مع إجراءات على الأرض وتشريعات لضمها ومنع قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا.
عن رواتب الأسرى والشهداء والجرحى التي أوقفتها السلطة الفلسطينية وأحالتها إلى مؤسسة اجتماعية، قال إن الموضوع وطني بالدرجة الأولى، ويمكن تسويته مع تسوية الأوضاع الداخلية فلسطينيا وإنهاء الانقسام وإعادة اللحمة للنظام السياسي والسلطة ومنظمة التحرير، وربما بآليات جديدة، رغم حساسية الوضع السياسي والضغوطات الأميركية والأوروبية لأن "هناك مسؤولية وطنية باتجاه الوضع الاجتماعي لأهالي الأسرى داخل السجون، وبالإمكان تسويته بصيغ وبمفاهيم تتجاوز بشكل أو بآخر كل الاشتراطات الدولية".

0 تعليق