رفضت المحكمة المدنية الابتدائية في دبي دعوى قضائية رفعها رجل أعمال عربي ضد زوجته الثانية، اتهمها فيها بالغش والخداع، وطالب فيها ببطلان عقد هبة لقطعة أرض منحتها لابنتها.
وكان الزوج قد منح زوجته تفويضا لشراء عقارات لصالحه، لكنها سجلتها باسمها، بما في ذلك فيلا فاخرة تقع ضمنها قطعة الأرض المتنازع عليها، فيما أكدت الزوجة أن العقارات كانت هبات من زوجها.
اتهامات بالغش واستغلال الثقة
أقام رجل الأعمال العربي دعواه مطالبا ببطلان عقد الهبة الذي أبرمته زوجته الثانية (المدعى عليها الأولى) مع ابنتها (المدعى عليها الثانية)، والذي بموجبه وهبت الأم لابنتها قطعة أرض تقع ضمن فيلا راقية مسجلة باسم الأم.
واستند المدعي في دعواه إلى أنه رجل أعمال مقيم في الدولة منذ سنوات طويلة ويعاني من مرض يدفعه للسفر كثيرا للعلاج والعمل.
ونظرا لهذه الظروف، قام بتفويض زوجته الثانية، وهي ربة منزل لا تملك مصدر دخل وهو عائلها الوحيد، بشراء خمسة عقارات من أمواله الخاصة المودعة في حسابه البنكي.
إلا أنه فوجئ بأنها استغلت الثقة الممنوحة لها وسجلت جميع هذه العقارات باسمها الشخصي بدلا من تسجيلها باسمه. واكتشف لاحقا أنها قامت بوهب جزء من إحدى هذه الفلل (قطعة الأرض محل النزاع) لابنتها دون علمه أو موافقته.
وأشار المدعي إلى أنه سبق وأن أقام دعوى لتعيين خبير أمام مركز التسوية الودية للمنازعات، وأن تقرير الخبير خلص إلى أن الزوجة اشترت العقارات الخمسة بالفعل من أموال الزوج وسجلتها باسمها.
وعند سؤالها عن السبب، أفادت بأن زوجها وهبها تلك العقارات على غرار ما فعل مع زوجته الأولى، لكنها لم تقدم أي دليل يثبت صحة هذه الهبة.
وبناء على ذلك، طالب المدعي بتعويض قدره 600 ألف درهم عن الأضرار المادية (حرمانه من الانتفاع بعقاره) والأدبية والنفسية التي لحقت به، أو إلزامها برد ثمن الفيلا البالغ 2.68 مليون درهم مع فائدة قانونية.
دفاع الزوجة: العقارات هبة والتصرف قانوني
من جهتها، دفعت الزوجة المدعى عليها بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة قانونية.
وأوضحت أن العقار محل النزاع مسجل باسمها بشكل قانوني وسليم، وأن عقد الهبة الذي منحته لابنتها تم بصورة صحيحة وبكامل أهليتها القانونية، مؤكدة أن العقارات كانت بالفعل هبات من زوجها لها، أسوة بما فعله مع زوجته الأولى.
حيثيات حكم المحكمة: انعدام الصفة والمصلحة
بعد المداولة ودراسة المستندات، رأت المحكمة أن الادعاءات والمستندات المقدمة من المدعي لا تكفي لإثبات وقوع غش أو خداع من جانب الزوجة.
واستندت المحكمة في حكمها إلى المادة (2) من قانون الإجراءات المدنية، التي تشترط وجود مصلحة قائمة ومشروعة لقبول أي دعوى.
وبينت المحكمة أن المدعي (الزوج) لا يملك الصفة القانونية التي تخوله المطالبة بإبطال تصرف (عقد الهبة) يتعلق بمال مسجل رسميا باسم زوجته، طالما أنها على قيد الحياة وتتمتع بكامل أهليتها القانونية للتصرف بأملاكها.
وأوضحت المحكمة أنه بموجب قانون المعاملات المدنية، فإن "الهبة" هي تمليك مال لآخر دون عوض، وتنعقد بالإيجاب والقبول وتتم بالقبض أو التسجيل الرسمي في حالة العقارات.
وبما أن الفيلا محل الدعوى قد سجلت باسم الزوجة وفقا للإجراءات الرسمية، فقد أصبحت ملكيتها ثابتة لها منذ لحظة التسجيل، وبالتالي يحق لها التصرف فيها بكافة أشكال التصرف القانوني، بما في ذلك وهب جزء منها لابنتها.
وأكدت المحكمة أن مطالبة الزوج لا تندرج ضمن الحالات التي يجيز فيها القانون الطعن في تصرفات المالك أثناء حياته، فلم يثبت أن زوجته محجور عليها أو فاقدة للأهلية، كما أنه لم يقدم أي دليل قاطع على أن تسجيل العقارات باسمها أو هبتها لقطعة الأرض لابنتها كان نتيجة احتيال أو غش يمكن إثباته قانونا.
وأشارت إلى أن المصلحة التي يستند إليها المدعي ليست قائمة ولا مشروعة، لأنه ليس وارثا يطعن في تصرف مورثه بعد وفاته، كما أنه لا يملك العقار موضوع الدعوى بشكل قانوني.
رفض الدعوى
بناء على ما سبق، خلصت المحكمة في حيثياتها إلى أن الدعوى مرفوعة من غير ذي صفة، وبالتالي قضت بعدم قبولها بجميع طلباتها، وألزمت المدعي (الزوج) بسداد كافة الرسوم والمصروفات القضائية.

0 تعليق