تحقيق نبض البلد: الشعوذة الرقمية تتحول إلى منظومة احتيال منظمة في الأردن.. والقانون عاجز - فيديو - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
حصر قائمة أولية تضم 20 شخصاً يدّعون أنهم "شيوخ روحانيون"

كشف تحقيق استقصائي أجراه برنامج "نبض البلد" على قناة "رؤيا" عن شبكة منظمة للاحتيال باسم "العلاج الروحاني" و"الشعوذة"، تدار بشكل متقن عبر منصات التواصل الاجتماعي في الأردن.

ووثق التحقيق، الذي اعتمد على الاستدراج والمواجهة التمويهية، كيف تحولت هذه الممارسات من أفعال فردية إلى "مشروع تجاري" يستغل حاجة الناس ويأسهم، مقدماً "الوهم" كسلعة بأسعار محددة وخدمة توصيل مموهة، في ظل ضعف الردع القانوني.

منهجية كشف "تجارة الوهم"

انطلق فريق "نبض البلد" من رصد منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تحمل وعوداً زائفة مثل "جلب الحبيب خلال 24 ساعة". وبخطة محكمة، قام الفريق بما يلي:

رصد وتحديد: حصر قائمة أولية تضم 20 شخصاً يدّعون أنهم "شيوخ روحانيون".

الاستدراج والتوثيق: تواصل الفريق معهم بصفة "زبائن"، مسجلاً المكالمات ومرتباً لقاءات تمويهية، لتوثيق أساليبهم، طلباتهم، والأسعار التي يفرضونها.

"كتيّب عمليات" غير مكتوب.. نمط احتيال موحد

أظهر التحقيق أن هؤلاء المحتالين يتبعون نمط عمل شبه موحد، أشبه بـ"كتيّب عمليات غير مكتوب"، يشمل الخطوات التالية:

الاستدراج الرقمي: استخدام السوشيال ميديا كواجهة لعرض "خدمات" سريعة ومضمونة وجذب الضحايا.

جمع المعلومات الحساسة: طلب بيانات شخصية دقيقة (الاسم الكامل، اسم الأم، تاريخ الميلاد) كشرط أساسي للبدء بالعمل المزعوم.

طقوس غامضة وأسعار واضحة: تحديد أوقات محددة وغريبة (مثل ساعات الفجر الأولى) لتنفيذ الطقوس، مع فرض أسعار ثابتة تتراوح بين 20 ديناراً للجلسة وتصل إلى 180 ديناراً لـ"الطاعة العمياء".

تسليم سري ومموه: ضمان السرية عبر استخدام خدمات التوصيل (Delivery) لإرسال "الأوردر" (العمل)، أو حتى دفنه في المقابر.

فجوة قانونية وتصاعد رقمي مقلق

سلط التحقيق الضوء على إشكاليتين رئيسيتين تساهمان في انتشار الظاهرة:

ضعف الردع القانوني: قانون العقوبات الحالي يجرم هذه الأفعال، لكن العقوبات المنصوص عليها (تصل إلى الحبس 6 أشهر في بعض التوصيفات، أو أقل بكثير في توصيفات أخرى) تُنتقد لكونها غير رادعة ولا تتناسب مع حجم الضرر المالي والنفسي والاجتماعي.

تنامي "الشعوذة الرقمية": أكدت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية رسمياً تصاعد هذا النوع من الاحتيال كنمط جديد ومقلق، رغم غياب إحصاءات دقيقة لعدد الضحايا، مما يجعل التوثيق الميداني الذي قام به "نبض البلد" ذا أهمية خاصة.

من "الدجل" إلى "الصفقات التجارية"

يخلص تحقيق "نبض البلد" إلى أن ما يجري ليس مجرد "ممارسات شعبية" أو "دجل فردي"، بل هو جريمة احتيال منظمة حولت الحاجة الإنسانية إلى "مشروع تجاري" له قواعده: سعر، جدول زمني للتنفيذ، وخيارات تسليم آمنة.

ويؤكد التحقيق أن هذه الأفعال لا تمت للدين أو "الرقية الشرعية" بصلة، بل هي "صفقات" احتيالية تستغل يأس الباحثين عن حلول سريعة، مما يستدعي تشديد الرقابة القانونية والرقمية، ورفع مستوى الوعي المجتمعي لمواجهة "تجار الوهم".

0 تعليق