سجلت أسعار الفضة تراجعاً حاداً في ختام تداولات الأسبوع، يوم أمس الجمعة، بعد موجة ارتفاعات قياسية دفعت المعدن الأبيض إلى أعلى مستوياته على الإطلاق خلال العام، قبل أن تتعرض الأسعار لضغوط بيع قوية نتيجة عمليات جني أرباح واسعة النطاق.
فقد هبطت الأوقية (الأونصة) بنحو 6% في جلسة اتسمت بالتقلب الحاد، لتفقد الفضة جانباً كبيراً من مكاسبها التاريخية التي حققتها على مدار الأسبوع.
هبوط حاد بعد قمة تاريخية
أظهرت بيانات الإغلاق أن عقود الفضة الآجلة (تسليم ديسمبر 2025) أنهت الجلسة عند سعر 50.104 دولاراً أمريكياً للأونصة، مسجلةً خسائر بلغت 3.192 دولاراً، أي بانخفاض نسبته 5.99%.
ويأتي هذا التراجع اللافت بعد أن لامست الفضة في وقت سابق من الجلسة مستوى 53.765 دولاراً للأونصة، وهو أعلى مستوى تسجله منذ بدء التداولات هذا العام، ما جعلها محور اهتمام الأسواق إلى جانب الذهب الذي شهد هو الآخر موجة صعود تاريخية.
ويعكس هذا الهبوط الحاد تبدل المزاج الاستثماري في الأسواق خلال ساعات قليلة فقط، مع اتجاه المستثمرين إلى بيع المعادن الثمينة لجني الأرباح بعد الارتفاعات الكبيرة التي سبقت جلسة الجمعة.
جلسة متقلبة وعمليات بيع مكثفة
تحركت أسعار الفضة خلال الجلسة في نطاق واسع بين 49.660 دولاراً كأدنى مستوى و53.765 دولاراً كأعلى مستوى، في واحدة من أكثر جلسات التداول تقلباً منذ بداية العام.
ويرى محللون أن عمليات جني الأرباح العنيفة جاءت بعد سلسلة مكاسب قوية تجاوزت 20% خلال الأسبوعين الماضيين، في ظل الطلب المرتفع على المعادن الثمينة كملاذات آمنة، قبل أن تدفع موجة البيع الأخيرة الأسعار للتراجع.
وأشار تقرير لبنك “كوميرتس بنك” الألماني إلى أن “الارتفاع السريع للفضة كان غير مستدام على المدى القصير، وكان لا بد أن يتبعه تصحيح حاد مع بدء خروج السيولة من الأسواق الآجلة نحو أصول أقل تقلباً”.
عوامل الارتفاع والتراجع
تزامن هبوط الفضة مع تراجع الذهب نهاية الأسبوع، في ظل تحسن محدود في شهية المخاطرة بالأسواق بعد بيانات أمريكية أظهرت استقرار التضخم في أيلول، ما عزز التوقعات بتأجيل خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي.
كما ساهم ارتفاع الدولار الأمريكي في الضغط على أسعار المعادن المقومة بالدولار، إذ يجعلها أقل جاذبية للمستثمرين من حاملي العملات الأخرى.
ورغم التراجع، لا تزال الفضة تحقق مكاسب شهرية قوية، إذ ارتفعت بنحو 15% منذ بداية أكتوبر، مدفوعة بتزايد الطلب الصناعي، ولا سيما من قطاعي الطاقة الشمسية والتقنيات الإلكترونية، إلى جانب الطلب الاستثماري التقليدي كملاذ آمن.
توقعات الأسبوع المقبل
يتوقع محللون أن تشهد الفضة استقراراً نسبياً في بداية الأسبوع المقبل، مع احتمالية ارتداد فني بعد موجة البيع الأخيرة.
وقال الخبير الاقتصادي “جون كيتنغ” من بنك “إتش إس بي سي” إن “الفضة لا تزال في مسار صعودي طويل الأجل، وما حدث هو تصحيح طبيعي بعد مكاسب مفرطة في فترة وجيزة”.
وأضاف أن استمرار التوترات الجيوسياسية العالمية، إلى جانب توقعات ضعف الدولار، “قد يعيد الزخم الشرائي إلى السوق سريعاً، خصوصاً إذا عاد الذهب لاختبار قمة 4400 دولار للأونصة”.
ورغم التراجع الكبير المسجل يوم الجمعة، تبقى الفضة واحدة من أفضل الأصول أداءً خلال عام 2025 حتى الآن، متقدمةً على معظم السلع والأسهم العالمية من حيث نسبة العائد التراكمي.
0 تعليق