Published On 13/10/202513/10/2025
|آخر تحديث: 20:01 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:01 (توقيت مكة)
شهدت صناعة السينما خلال السنوات الأخيرة تحوّلا جذريا، خاصة في هوليود، مع صعود المنصات الرقمية مثل نتفليكس وأمازون برايم وديزني بلس. ولم تعد هذه المنصات مجرد وسيلة لعرض الأفلام، بل أصبحت تمتلك اليد العليا في تحديد طبيعة المحتوى الموجّه للجمهور. فالأفلام اليوم لا تُصنع فقط انطلاقا من رؤية فنية، بل وفق تحليلات بيانات وخوارزميات دقيقة تتحكم في مدة الفيلم وأفكاره وحتى نوع النهايات التي يفضلها المشاهدون.
في مقابل هذا الصعود، ارتفعت أصوات مغايرة من مخرجين كبار مثل كريستوفر نولان ودينيس فيلنوف وتود فيلد، الذين رفضوا اختزال السينما في كونها "محتوى" مصمم للشاشات الصغيرة. هؤلاء المخرجون ما زالوا يؤمنون بأن السينما فن وتجربة إنسانية يجب أن تُعرض أولا في قاعات العرض، وأن تظل وفية لرؤية المبدع قبل أن تخضع لمنطق المنصة والخوارزمية.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listمنصات تراقب سلوك المشاهدين
باتت المنصات تراقب سلوك المشاهدين بدقة: متى يتوقفون عن المشاهدة، ما المشاهد التي تتكرر، والأنماط التي يفضلها الجماهير أكثر من غيرها، لتبني عليها قرارات إنتاج المحتوى. حيث إن القرارات تبنى على ذوق الجمهور، بالإضافة إلى حسابات رقمية خوارزمية دون الاهتمام بالرؤية الفنية الخاص.
وقد ظهرت ضمن هذا السياق مجموعة أفلام ناتجة عن الخوارزميات، مثل النشرة الحمراء، والرجل الرمادي ومشروع آدم، والتي يربط بينها مجموعة عناصر مشتركة؛ منها أن البطولة لنجوم من الصف الأول، بالإضافة إلى الحبكة السريعة، ومشاهد الحركة المكثفة، والنهايات المفتوحة التي تمهد لأجزاء قادمة.
مع ذلك لا يمكن اعتبار هذه الأعمال ضعيفة فنيا، لكنها صنعت لترضي أكبر شريحة جماهيرية ممكنة بأقل قدر من المغامرة، أي أنها أفلام تميل إلى التقليدية والنمطية وتبتعد عن التجريب الفني، خاصة بعد إعلان منصة نتفليكس في العام الجاري عن استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد الحوارات الأولية ومعالجة الصور، ليظهر أن الخوارزميات لا تحدد فقط المنتج النهائي ولكنها تقرر أيضا طريقة إنتاجه وفقا لرغبة الجمهور المستهلك.
آراء ضد منصات البث
في مواجهة هيمنة الخوارزميات على منصات البث، التي تنتج أعمالا فنية محسوبة بدقة وفق معايير رقمية مسبقة، يقف عدد من أبرز المخرجين العالميين دفاعا عن السينما بوصفها فنا تعبيريا إنسانيا مستقلا قائما على الرؤية والإبداع.
إعلان
من بين هؤلاء المخرج كريستوفر نولان، الذي كان من أوائل المعارضين لهيمنة المنصات الرقمية، إذ انتقد عرض الأفلام عبرها وحذر من أن الأعمال التي تُصدر حصريا على هذه المنصات مهددة بالزوال من مكتباتها الرقمية مستقبلا، مما يعرض الإرث السينمائي للخطر. على العكس من ذلك، يرى نولان أن الأفلام المعروضة في دور السينما تظل محفوظة وحيّة من خلال النسخ المادية التي يمكن صونها للأجيال القادمة.
التجربة لا تُختبر إلا في القاعة
أما المخرج دينيس فيلنوف، صاحب فيلم "كثيب" (Dune)، فكان أكثر تشددا في رفضه لسطوة المنصات على شروط العرض. فقد أصر على عدم إتاحة روابط رقمية لأفلامه حتى للنقاد، مؤكدا أن التجربة السينمائية الحقيقية لا يمكن اختبارها إلا داخل قاعات السينما، حيث يعيش المشاهد طقوس المشاهدة الجماعية بكل ما تحمله من تفاعل ومشاعر مشتركة، لا على شاشة هاتف أو حتى على جهاز تلفاز منزلي.
أما المخرج الشهير مارتن سكورسيزي، فقد كان الرافض الأكبر لتحويل السينما إلى مجرد محتوى، وحذر من اختزال العمل الفني إلى مجرد منتج رقمي ضمن سيل لا نهائي من المحتوى المقترح، مؤكدا أن السينما ليست للكم ولكن للقيمة، معربا عن قلقه من تراجع الأصوات الفنية الفردية في ظل سطوة التكنولوجيا. .
0 تعليق