مع الساعات الأولى لبدء الانسحاب الأولي لجيش الاحتلال من بعض مناطق قطاع غزة، بدأت تتكشف ملامح كارثة إنسانية مروعة، حيث أعلنت مصادر طبية في وزارة الصحة الفلسطينية، السبت، عن انتشال جثامين 135 شهيداً من مختلف المناطق التي انسحبت منها قوات الاحتلال خلال الـ 24 ساعة الأخيرة فقط.
وقالت المصادر إن إجمالي عدد الشهداء الذين وصلوا إلى مستشفيات القطاع في نفس الفترة بلغ 155 شهيداً، مما يشير إلى أن الهدوء الهش الذي ساد بعد بدء وقف إطلاق النار أتاح للطواقم الطبية والدفاع المدني الوصول إلى مناطق كانت معزولة تماماً، لتكشف عن حجم المجازر التي ارتُكبت في الأيام الأخيرة من الحرب.
حصيلة مروعة.. والأعداد مرشحة للارتفاع
أوضحت وزارة الصحة أن غالبية هؤلاء الشهداء كانوا ضحايا لغارات وقصف مدفعي سابق، وبقيت جثامينهم تحت أنقاض المنازل المدمرة أو في الشوارع، حيث كان من المستحيل على فرق الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم بسبب كثافة العمليات العسكرية ووجود آليات الاحتلال.
وتواصل طواقم الدفاع المدني جهودها الجبارة في البحث بين الركام، مؤكدة أن "العشرات لا يزالون تحت الأنقاض".
ومن المتوقع أن ترتفع حصيلة الشهداء بشكل كبير خلال الساعات والأيام القادمة، كلما توسعت عمليات البحث وتمكنت الفرق من الوصول إلى المزيد من المناطق التي كانت خطوط تماس أو تعرضت لقصف عنيف، ليكشف الانسحاب تدريجياً عن المقابر الجماعية التي خلفتها آلة الحرب.
مهمة إنسانية وسط دمار هائل
تعمل فرق الإنقاذ في ظروف بالغة التعقيد والخطورة، حيث تواجه نقصاً حاداً في المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الأنقاض، بالإضافة إلى الخطر المتمثل في وجود ذخائر غير منفجرة.
ويعتبر استكمال انسحاب قوات الاحتلال من كافة المناطق المأهولة شرطاً أساسياً لتمكين هذه الطواقم من القيام بواجبها الإنساني والوصول إلى جميع الضحايا.
وفيما يترقب العالم الخطوات السياسية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، يعيش قطاع غزة الآن مأساة الكشف عن حجم الفقد، في سباق مع الزمن لانتشال جثامين الشهداء وتحديد هوياتهم، في مهمة إنسانية مؤلمة تكشف عن الكلفة البشرية الباهظة للحرب.
0 تعليق