السباق لصناعة "حواسيب حية".. عواقب أخلاقية وتحديات تقنية - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

يسعى العلماء اليوم لتحقيق عديد من الأفكار والابتكارات التي ظهرت سابقا في أفلام الخيال العلمي، بدءا من تقنيات الذكاء الاصطناعي البدائية، وصولا إلى الأفكار الأكثر جموحا مثل "الحواسيب الحيّة".

ويعبّر مفهوم "الحواسيب الحيّة" عن مجموعة من الخلايا المتصلة معا بأقطاب كهربائية وتعمل بشكل يشبه الحواسيب ووحدات المعالجة المركزية للحواسيب، أي أنها تستقبل الإشارات الكهربائية التي تمثل المدخلات، وتنتج بعد ذلك إشارات كهربائية أخرى تعد مخرجات.

وفي هذا السياق، تمكن الفريق البحثي في مختبر "فاينل سبارك" (FinalSpark ) -الذي يتخذ من سويسرا مقرا له- من الوصول إلى نتائج متقدمة عبر بناء مجموعة من الحواسيب الحيّة المصغرة، أطلق عليها الدكتور فريد جوردان اسم "ويت وير" (Wetware)، بدلا من "سوفتوير" (Software) المعروفة في الحواسيب التقليدية التي بين أيدينا.

غير أن ابتكار جوردان وفريقه يثير مجموعة من التساؤلات الأخلاقية عن آلية صناعة هذه الحواسيب الحيّة، فضلا عن استخدامها العملي في الحياة اليومية.

كيف تُصنع الحواسيب الحية؟

تعتمد فكرة صناعة الحواسيب الحية على مفهوم بسيط للغاية يقتبس آلية عمل العقول البشرية، التي تتكون من مجموعات خلايا عصبية متصلة معا بالأوعية الدموية والأعصاب التي تنقل الإشارات الكهربائية بين هذه الخلايا.

وباستخدام الآلية ذاتها، تمكن فريق "فاينل سبارك" من إنماء مجموعة من خلايا عصبية نُميت من خلايا جذعية مُشتقة من الجلد البشري لمتبرعين.

وتنمو هذه الخلايا العصبية الصغيرة حتى تصبح ما يعرف باسم "أورغانويد" (Organoid)، وهي كرات حيّة من الخلايا العصبية فقط من دون وجود أي أغشية أو أوعية أخرى بها، ثم تتصل "الأورغانويد" بمجموعة من الأقطاب الكهربائية التي تنقل وتستقبل الإشارات الكهربائية منها، وفي هذه المرحلة يمكن البدء بتدريبها لتصبح حواسيب مصغرة.

After an intensive year of relentless research, we are thrilled to announce that FinalSpark’s Biological Neuroplatform BNP has advanced to the production stage, pushing the boundaries of what we thought possible in neurophysiology.
"الأورغانويد" تتصل بالحواسيب التقليدية عبر استخدام أقطاب كهربائية (موقع المختبر)

وكانت "بي بي سي" نشرت تقريرا عن زيارة فريقها لمختبر "فاينل سبارك"، حيث تمكنت زوي كلاينمان من اختبار هذه الحواسيب الحية مباشرة.

إعلان

وتقول كلاينمان إنها شهدت اختبار "أورغانويد" ليتأكدوا من أنه يعمل جيدا، وذلك عبر توصيله بحاسوب تقليدي والضغط عشوائيا على لوحة المفاتيح، وانتظار استجابة "الأورغانويد"، وتسجل هذه الاستجابة في العادة كنشاط كهربائي في مخطط بياني متحرك يشبه رسم تخطيط كهربية الدماغ.

فإذا تحرك الرسم البياني وظهرت استجابة فيه، فإن هذا يشير إلى أن "الأورغانويد" يعمل بشكل سليم ويستقبل الإشارات الكهربائية ويرسلها، وتؤكد الدكتورة فلورا بروزي، عالمة الأحياء الخلوية في المختبر أن بعض "الأورغانويد" تفشل ولا تستقبل أو ترسل الرسائل الكهربائية.

لماذا الحاجة إلى الحواسيب الحية؟

تقدم الحواسيب الحية قوة حوسبية أكبر بكثير من معالجات الحواسيب المعتادة، وذلك مقابل استهلاك طاقة يكاد لا يذكر، وذلك لأنها تعتمد على سوائل خاصة تحاط بها للتغذية.

ورغم كون "الأورغانويد" الذي تمكن فريق "فاينل سبارك" من الوصول إليه لا يرتقي إلى تعقيد وقدرات الدماغ البشري، فإنه يعتمد على القطع المكونة ذاتها.

ويعني هذا أن كل "أورغانويد" يشبه دماغا مصغرا ويتمتع بجزء من قدراته الحوسبية الكبيرة، ومن ثم يمكن استخدامه باستمرار في مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي تحديدا، بدلا من المعالجات والشرائح التقليدية.

عواقب أخلاقية

تقول بروزي: "ما زال هناك الكثير الذي لا نعرفه عن آلية عمل الأورغانويد وربما انزعجت مما قمت به"، وذلك ردا على سؤال كلاينمان عندما ضغطت مجموعة من الأزرار بشكل متتالي لتتوقف الاستجابة في الرسم البياني وتعود مجددا كموجة واحدة.

ويثير رد بروزي هذا سؤالا محوريا عن مدى أخلاقية ما يقوم به مختبر "فاينل سبارك"، فإن كان احتمال انزعاج "الأورغانويد" من بعض التصرفات واردا، فهل تشعر بأشياء أخرى أو يكون لها أفكار خاصة بها.

ويقول سيمون شولتز، أستاذ تكنولوجيا الأعصاب ومدير مركز تكنولوجيا الأعصاب في إمبريال كوليدج لندن: "إننا لا نعرف بعد كيف نصنع الأورغانويد بشكل جيد أو نبقيها حية لفترة طويلة، إذ تموت عادة بعد 4 أشهر فقط".

ويوضح جوردان أن اللحظات الأخيرة قبل وفاة "الأورغانويد" تشهد نشاطا كهربائية غير مسبوق، في محاكاة واضحة لارتفاع معدل ضربات القلب والنشاط الدماغي قبل وفاة الإنسان.

0 تعليق