السر في كفاءة التشغيل - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تجمعني به بين الحين والآخر جلسات عمل في أماكن مختلفة من دبي، مقاهٍ كانت أم مطاعم أو أندية. فالعبرة دائماً أن تكون خارج إطار المكتب، رغم أنّ معظم أحاديثنا- حتى خارج ساعات العمل- تدور حول الأعمال وتطوراتها.
في هذه المرة، بادرني بالسؤال: كيف أقرأ مستقبل اقتصاد الإمارات في ضوء حضوري لفعاليات عدة، كان آخرها الاجتماعات السنوية للحكومة؟.
أجبته بأنّ الأرقام تتحدث بوضوح. فقد أعلنت الحكومة نتائج مذهلة تعكس حجم الإنجاز الكلي ومفاصله أيضاً، والأهم أن الأهداف المعلنة للمستقبل أكثر طموحاً، وتضع الإمارات في موقع الشريك الفاعل في مسيرة التطور العالمي، لا مجرد دولة تواكب المتغيرات، حيث بات لديها سجل حافل بتحقيق أهدافها قبل المواعيد المحددة، بفضل انسجام نادر بين فرق العمل الحكومية وقطاع خاص متنوع يعملان بروح واحدة.
وقبل أن أكمل حديثي، استدرك قائلاً إنه يلمس ذلك شخصياً عبر شركته التي انتقلت إلى الإمارات قبل خمس سنوات، حيث تضاعف حجم أعمالها ثلاث مرات، فيما تكافح شركة منافسة لها في بريطانيا - تعمل في المجال ذاته - لتحقيق نمو لا يتجاوز 5٪، مع تقليص العمالة والنفقات لضمان هذا الحدّ الأدنى.
وأضاف أنّ الجميع في بريطانيا أو الولايات المتحدة أو حتى في جنوب شرق آسيا يتحدثون عن ميزات الإمارات من ضرائب منخفضة وتسهيلات واسعة وقوة الترابط الأسري ومستويات السعادة، فضلاً عن الأمن والموقع الجغرافي. لكن العامل الذي لا يُتحدث عنه بما يكفي - وهو في رأيه الأهم - «كفاءة الأعمال»: أي القدرة على إنجاز المهام اليومية باحترافية، سريعاً، وبعيداً عن التعقيد.
ويشير إلى أنّ بيئة الأعمال هنا أصبحت بين الأفضل عالمياً، مع تحديث متواصل للقوانين. ففي الشأن المالي مثلاً، بات المصرف المركزي وهيئة الأوراق المالية من الأكثر تطوراً عالمياً، سواء من حيث الأدوات الجديدة أو سرعة الإنجاز أو التحديثات التشريعية، وإذا أضفنا إليهما السلطات المالية المحلية والمناطق الحرة التي تحتضن مقار الشركات العالمية، ندرك أن منظومة الأعمال في الإمارات تقف اليوم في مصافّ التجارب الأكثر تقدماً.
وتابع قائلاً: ما يحتاج إلى سنوات في الغرب يُنجز هنا في ستة أشهر فقط، من الفكرة إلى التنفيذ. إنها كفاءة نادرة في عالم اليوم، وتفتح أمام الشركات مسارات طويلة للنمو، لأن الحكومة تفهم جيداً ما يحتاج إليه قطاع الأعمال، وهذا ينسجم تماماً مع المقولة الشهيرة: «هم يتحدثون... ونحن ننفذ». فالحكومة في الإمارات تفي بما تعد به، وهذا هو الفارق الجوهري.
وختم حديثه قائلاً: إن كفاءة التشغيل في الإمارات - عبر الأنظمة والتشريعات ومواكبة احتياجات الأعمال - هي «المغناطيس» الحقيقي لجذب الاستثمارات العالمية. فالتنافسية تُبنى اليوم على هذا العامل الذي يمكّن الشركات من توسيع أعمالها، ويسمح للموظفين بالتركيز على أهداف واضحة، بدل إضاعة الوقت في البيروقراطية والروتين والعقم الإداري المنتشر في دول ما زالت قراراتها مرهونة بموظفين لا يهمّهم سوى رواتب نهاية الشهر.
كان حديثه صريحاً وبعيداً عن الرسميات، ليختتم بعبارة لافتة تلخص كل شيء، «الإمارات غير.. وهذا ما يميزها عن الآخرين».

[email protected]

0 تعليق