في تصاعد جديد للتوترات السياسية والرياضية، اندلعت عاصفة جدل في بريطانيا بعد أن دعا واعظ مسلم في برمنغهام أتباعه إلى «عدم إظهار الرحمة» تجاه جماهير نادي مكابي تل أبيب، بالتزامن مع قرار أمني يمنع حضورهم مباراة فريقهم أمام أستون فيلا المقررة في السادس من نوفمبر القادم ضمن بطولة الدوري الأوروبي.
هذا القرار غير المسبوق أشعل مواجهة مفتوحة بين شخصيات سياسية بارزة وهيئات أمنية وجماعات يهودية، وسط اتهامات متبادلة بين مؤيدين يرون فيه خطوة وقائية، ومعارضين يعتبرونه تمييزًا صريحًا وخضوعًا للتهديدات.
تصريحات مثيرة للجدل
أصل العاصفة جاء بعد أن ظهر الواعظ البريطاني أسرار راشد في محاضرة بأمستردام مطلع أكتوبر، وهو يعلن أن «الرحمة لها وقتها ومكانها، وليس حين يأتي جمهور تل أبيب إلى برمنغهام»، في إشارة إلى المباراة المرتقبة على ملعب فيلا بارك.وأثار الخطاب الذي نشر لاحقًا عبر مواقع التواصل موجة انتقادات واسعة من جماعات مناهضة للتطرف وعدد من الساسة، واعتُبر تحريضًا مباشرًا ضد جماهير إسرائيلية. وردّ الواعظ مدافعًا عن تصريحاته، مهاجمًا وسائل الإعلام التي نقلتها.
ولم يقتصر الجدل على الخطاب فقط، إذ زادت حدة الأزمة مع إعلان مجموعة السلامة في برمنغهام (SAG) منع جماهير مكابي تل أبيب من دخول بريطانيا وحضور المباراة، مبررة القرار بـ«مخاوف أمنية عالية الخطورة» على خلفية اشتباكات عنيفة في مباراة سابقة للفريق الإسرائيلي في أمستردام عام 2024.
القرار أثار غضبًا رسميًا واسعًا، إذ وصفه رئيس الوزراء كير ستارمر بأنه «خطأ جسيم»، بينما طالبت حكومة المملكة المتحدة بمراجعته فورًا. كما دعا سياسيون محافظون ولي العهد الأمير ويليام أحد أبرز مشجعي أستون فيلا إلى التعليق على الموقف.
من جانبها، أعلنت منظمات يهودية نيتها اللجوء إلى القضاء للطعن على القرار، معتبرة أن حظر جماهير نادٍ بسبب انتمائهم تعتبر سابقة خطيرة تشجع على معاداة السامية.
صراع بين الأمن والسياسة والرأي العام
تتباين الآراء بشدة:- السلطات الأمنية تؤكد أن سلامة المواطنين هي الأولوية، وأن التهديدات لا يمكن تجاهلها.
- شخصيات سياسية وحقوقية ترى أن القرار يمثل رضوخًا للشارع المتطرف ويضعف صورة الدولة.
- جماهير إسرائيلية وصفت المنع بأنه «لافتة غير مباشرة تقول: اليهود غير مرحب بهم».
وفي المقابل، أيد بعض النواب المؤيدين لفلسطين الحظر، معتبرين أنه يجنّب المدينة أعمال شغب محتملة، بينما انتقد آخرون هذا الطرح، محذرين من أنه يكرس الانقسام ويضعف صورة بريطانيا كدولة قانون.
ويمكن القول إن القضية تجاوزت كونها مجرد مباراة كرة قدم، لتتحول إلى اختبار حساس لعلاقة السياسة بالأمن وحرية الجماهير في المملكة المتحدة. وبينما تتصاعد الدعوات لمراجعة القرار، تترقب الأوساط الرياضية والسياسية ما إذا كانت المباراة ستشهد تراجعًا رسميًا عن المنع أو استمرارًا لأحد أكثر القرارات الرياضية إثارة للجدل في أوروبا هذا العام.
أخبار ذات صلة
0 تعليق